{مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}: أي: بكلِّ أمر؛ كما قال: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الرعد: ١١؛ أي: بأمر اللَّه؛ أي: تنزل الملائكة بكلِّ ما يقضي اللَّه تعالى من أمور العالم في تلك السنة؛ من عملٍ ورزقٍ وحياةٍ وموتٍ، وهو كقوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} الدخان: ٤.
ثم قوله: {سَلَامٌ هِيَ}: أي: ليلةُ القدر سلامةٌ من الشرور والبلايا والآفات، وهو كقوله: {فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} الدخان: ١.
وقيل: {سَلَامٌ هِيَ}؛ أي: في كلِّ الليلةٍ سلامٌ على المؤمنين، وهو كما يقال: إنما فلانٌ حجٌّ وغزوٌ؛ أي؛ هو أبدًا مشغول بهما، فكذا: الليلة سلامٌ؛ أي: هي مستغرَقةٌ بسلام (١) الملائكة على المسلمين (٢).
وقيل: هي متصلة بما قبلها: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلَامٌ هِيَ}؛ أي: من كلِّ أمر مَخُوفٍ سلامةٌ هي.
{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}: أي: إلى مطلع الفجر نزولُ الملائكة والسلامُ على أهل الإسلام والسلامةُ من الآفات.
وقرأ الكسائي: {مَطْلِعِ الفجر} بكسر اللام والباقون بفتحها (٣)، وهما لغتان.
واختلفوا في ليلة القدر:
قال بعضهم: رُفعت بعد وفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا قولٌ مردود.
وعن محمد بن الحنفية: أنها في كلِّ سبع سنين مرةً. وفي ثبوت هذه الرواية عنه نظر.
(١) في (أ): "هو مستغرق بسلام"، وفي (ر) و (ف): "هي مستغرقة سلام".
(٢) في (ف): "المؤمنين".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٦٩٣)، و"التيسير" (ص: ٢٢٤).