وقال الكلبي: {الْحُطَمَةِ}: الباب السادس من النار (١).
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ}: وهذا تفخيم لشأنها.
{نَارُ اللَّهِ}: أي: أعدَّها اللَّه تعالى لأهلها {الْمُوقَدَةُ}؛ أي: قد أُوقدت منذ سبعة آلاف سنة.
{الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}: أي: تُحرقهم حتى تصل إلى أجوافهم، وتُشرفَ على أفئدتهم وتعلوَ عليها، وينالهم بذلك الألمُ الشديد، ولا يموتون لأنها لا (٢) تخالط أفئدتهم، ويصيرُ المعذَّب كما قال اللَّه تعالى: {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} طه: ٧٤.
وقال الفراء رحمه اللَّه تعالى: {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}؛ أي: يبلغ ألمها الأفئدة، ويقال: متى اطَّلعْت أرضنا؛ أي: متى بلَغْتَها (٣).
فالأول مقارَبة وهذا مخالطةٌ.
ويقال: تحرق كلَّ الأعضاء حتى تقاربَ القلب فلا تحرقه، ثم تعاد الأعضاء، وإنما لا يحترق القلب لئلا (٤) ينقطِع الألم والعلمُ بالألم، فيدومُ العذاب.
قال أبو سعيد: أي: أنها تعلم مقدار ما يستحِقُّ كلٌّ منهم من العذاب لِمَا كان في قلبه، من قولك: اطَّلع فلان على أمرنا؛ أي: وقف عليه وعلِمه؛ أي: جعلها اللَّه تعالى تُحرق كلَّ أحد على استحقاقه، لا تزيد ولا تَنقص؛ كأنها وقفت على مَبلغ استحقاقه (٥).
(١) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٣٣٦). وذكر الواحدي في "البسيط" (١٤/ ٣١١) عن الكلبي أيضًا: الحطمة اسم من أسماء النار، وهي الدرجة الثانية من درج النار.
(٢) في (ر): "لم".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٩٠).
(٤) في (ر): "كي لا".
(٥) ذكره بنحوه دون عزو الماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٣٣٧). والقرطبي في "تفسيره" (٢٢/ ٤٧٤).