وكان أولَ مَن رحل رحلتين، فيقول اللَّه تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} الذي دفع عنه العدو {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}: كفاهم أخذ الإيلاف من الملوك وآمَن بلدهم وجعلهم يتفرقون في البلاد كما شاؤوا.
وقيل: {أَطْعَمَهُمْ. . . وَآمَنَهُمْ} (١)؛ أي: بعد سبع سنين في الجدب والقحط حتى أكلوا الجيَف.
وعن علي رضي اللَّه عنه: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} يعني (٢): آمَنَ قريشًا أن تكون الخلافة إلا فيهم (٣).
وعن سعيد بن جبير قال: مرَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بملأ ومعه أبو بكر رضي اللَّه عنه وهم ينشدون:
قل للَّذي طلبَ السماحةَ والنَّدَى... هلَّا مَرَرْتَ بآلِ عبدِ الدَّارِ
هلَّا مررتَ بهم تريد قِراهُمُ... منعوكَ من جهدٍ ومن إقتارِ
فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر: "أهكذا قال الشاعر؟ " قال: لا والذي بعثك بالحق، بل قال:
قل للَّذي طلبَ السماحة والنَّدى... هلَّا مررتَ بآلِ عبدِ مَنافِ
هلا مررتَ بهم تريدُ قِراهمُ... منعوك من أسرٍ ومن إكتاف
الرائشينَ وليس يوجدُ رائشٌ... والقائلين هلمَّ للأضيافِ
(١) في (ر) و (ف): "وقيل: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ} ".
(٢) في (أ): " {وَآمَنَهُمْ} أي".
(٣) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٦/ ٣٤٩)، وجعله الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٨٠٣) من بدع التفاسير.