وقال قتادة: قال بعضهم: إنها كانت تعيِّر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفقر ثم كانت تحتطب للؤمها وبخلها مع كثرة مالها فعيَّرها اللَّه بذلك (١).
* * *
(٥) - {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}.
{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}: أي: من ليفٍ لينٍ (٢) من جريد النخل.
وقال القتبي: المسد: كل ما ضُفِر وفُتل، يقال: مَسَدْتُ الحبلَ مَسْدًا، ومنه: رجل ممسودُ الخَلْق، إذا كان مجدولًا مفتولًا، وأنشد للراجز:
يا مسدَ الخُوصِ تعوَّذْ منِّي... إنْ كنتَ (٣) لَدْنًا لَيِّنًا فإنِّي
ما شئتَ من أشمطَ مُقْسَئِنِّ (٤)
أي: غليظ.
قال: وأراد اللَّه بهذا الحبل: السلسلةَ التي ذرعُها سبعون ذراعًا، ويجوز أن يكون سماها مسدًا وإن كانت حديدًا أو نارًا أو ما شاء اللَّه لشدة الضَّفر (٥) والفتل (٦).
وقيل: هو حبل من ليف كانت تحتطِبُ به في الدنيا تجعله في عنقها عند حملها إياه.
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٧٣٣) والطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٧٢١).
(٢) "لين" من (أ).
(٣) في (أ): "تكن".
(٤) الرجز في "إصلاح المنطق" (ص: ٤٥)، و"البارع" للقالي (ص: ٤٧٨)، و"تهذيب اللغة" (١٢/ ٢٦٤)، و"جمهرة الأمثال" (٢/ ٣٠٧).
(٥) في (ف): "الظفر".
(٦) انظر: "تأويل مشكل القرآن" (ص: ١٠٣ - ١٠٤).