وقيل: كان ينبجسُ، ثمَّ يجري ويدومُ ويَكثرُ (١)، فيكون انفجارًا.
وقيل: كان ينبجسُ عند قلَّةِ الحاجةِ، وينفجِرُ عند الحاجة إلى الكثير (٢).
وقوله تعالى: {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} التاءُ لعددِ المؤنَّث، والعشرةُ فيها لغتان في عدد المؤنث بعدما زاد على العشرة؛ بتسكين الشِّين وكسرِها (٣).
والعينُ: الينبوع، وهي مؤنَّثةٌ سماعًا، ونُصِبَ على التفسير، وهي مشتقَّةٌ مِن العين الباصرة؛ لأنَّها أشرفُ ما في الرَّأس، وهذه أشرفُ ما في الأرض، ولأنَّ الماءَ يخرجُ مِن هذه كالدَّمع يخرجُ مِن تلك.
وإنَّما جُعِلَت على هذا العدد؛ لأنَّ بني إسرائيلَ كانوا اثني عشرَ سبطًا، وكانوا لا يأتلفون، فجُعل لكلِّ سِبْطٍ مشربٌ على حدةٍ مِن عينٍ على حدةٍ؛ لئلَّا يتنازعوا (٤).
وقوله تعالى: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} أي: موضعَ شربِهم.
قال قتادة: كان كلُّ سِبْطٍ يَعرفُ عينَ نفسِه، فيجيء فيأخذُ مقدارَ حاجتِه، ثمَّ ينقطعُ الماء.
وقيل: كان يَسيلُ وهم نازلون، فإذا ارتَحلُوا انقطعَ ماؤها، وحُمِلَ الحجرُ في الجَوَالِق.
وقال أبو رَوْقٍ: كان فيه اثنتا عشرة حفرةً، فكانوا إذا نَزَلوا وَضَعوا الحجرَ، وجاءَ كلُّ سِبْطٍ إلى حفرتهم، فحفروا الجداول إلى أهلها، فشربوا ما شاءوا،
(١) في (أ): "فيكثر".
(٢) في (ر): "الكثرة".
(٣) التسكين أهل الحجاز، والكسر لأهل نجد. انظر: "الصحاح" للجوهري: (عشر).
(٤) في (ر) و (ف): "يتنازعون".