وقوله تعالى: ({وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}): أي (١): واذكروا أيضًا إذ قلتم: يا موسى لن نصبر؛ أي: لن نقدرَ على حبسِ أنفُسنا على نوعٍ واحدٍ من الطَّعام، وهو المنُّ والسَّلوى.
وإنما قالوا: {عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} وهما اثنان؛ لأنَّهم كانوا يأكلونَ أحدَهما بالآخر، كما يُؤكَلُ الخبزُ باللَّحم.
وقيل: كان ينزلُ عليهم المنُّ وحدَهُ (٢) أوَّلًا، ثمَّ ملُّوهُ، فأرسلت عليهم السَّلوى، فيجوز (٣) أن يكونَ هذا الكلامُ منهم قبل نزولِ السَّلوى، يقولون: قد مللنا هذا وعزَفَت عنه نفوسُنا.
وقوله: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ} أي: سلْهُ، وقولُه: {يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا} كلمة "مِن" في قوله: {مِمَّا} صلةٌ عند الأخفش (٤)، ويجوز أن تكون للتبعيض، و"من" في قوله: {مِنْ بَقْلِهَا} هو للتجنيس، وهو بعضُ الأجناسِ أيضًا (٥).
ثمَّ جزم قوله: {يُخْرِجْ} لوجهين (٦):
أحدهما: على تقدير الجزاء، ومعناه: ادعُ لنا ربَّك، فإنَّك إنْ تَدعُ يُخْرجْ.
والثَّاني: ادعُ لنا ربَّك، وقل له: أخرج يخرجْ، وهو كقوله: {قُلْ لِعِبَادِيَ
(١) لفظ: "أي" ليس في (ف).
(٢) في (ف): "واحدة".
(٣) في (ف) و (ر): "ويجوز".
(٤) انظر "معاني القرآن" للأخفش (١/ ١٠٥).
(٥) لفظ: "أيضًا" من (أ).
(٦) من قوله: "هو للتجنيس" إلى هنا ليس في (ف).