- وذكر مثلَ هذا أيضًا عند تفسير قوله تعالى: {كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} فصلت: ٢٢ قال: أي: كلَّ ما تعملون، وهو كقوله: {يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} غافر: ٢٨؛ أي: كلُّه.
- ومن الأمثلة أيضًا: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} نوح: ٢٧ قال: أي: إلَّا مَن إذا بلغَ فجَر وكفَر، وهو كقوله: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} الحجر: ٥٣، و {بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} الصافات: ١٠١؛ أي: إذا بلغ مبلغَ العلم والحلم صار موصوفًا بهما.
- ومنه: {فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُر} القمر: ٣٧ قال: أي: وقيل لهم ذلك. وقيل: معناه: أَذَقْناهم ذلك؛ كما قال: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} سبأ: ١٨؛ أي: سَيَّرْناهم كذلك.
- ومن أمثلةِ ذلك أيضًا قولُه في الصراط المستقيم: إن معناه: أن سالكه مستقيم فيه، كقوله تعالى: {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}؛ أي: يُبصَرُ فيه، وكقولك: نهرٌ جارٍ؛ أي: الماءُ جارٍ فيه، ونظيرُه في القرآن: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} محمد: ٢١؛ أي: عزَموا فيه. وقولُه: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} البقرة: ١٦؛ أي: ما ربحوا فيها، وقولُه تعالى: {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} النازعات: ١٢.
فلا شكَّ أن مَن يَرى هذا الربطَ بين الآيات يُوقن أن القرآن لا تتناهَى معانيهِ، فلو سلك سالكٌ هذا الطريقَ لوجد العجَبَ العُجَاب.
ومن تفنُّن المؤلِّف بتفسيرِ القرآنِ بالقرآن: أن تحتمِلَ الآيةُ وجوهًا، فلا يَذكر وجهًا من وجوهها إلا ويُتبِعُه بدليله من القرآن:
- ومن أروعِ هذه الاستدلالات ما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي}: حيث أورد معاني الذكر في الآيةِ كلٌّ مع دليله من القرآن، فقال: