وقيل: خمسة فراسخَ في خمسةِ فراسخ.
وأوحى اللَّهُ تعالى إلى موسى: إن قَبِلوا التَّوراةَ وإلَّا رميتُهم بهذا الجبلِ فرضختُهم به، فلمَّا رأوا ألَّا مهربَ لهم قبِلوا ما فيها، وسجدوا مِن المهابةِ على أنصافِ وجوههم، لأنَّهم كانوا يُلاحظونَ الجبلَ، وكذلكَ تسجدُ اليهودُ لذلك (١).
وقوله تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي: جِدٍّ ومواظبةٍ، و {خُذُوا} بمعنى: اقبلوا.
وقيل: بقوة؛ أي: باقتدارٍ ونشاطٍ وأداءٍ لما فُرِضَ عليكم.
وقيل: أي: أعطيناكُم قوَّة ذلك، وهي سلامةُ الآلات، فخذوهُ بتلك القوَّة.
وقوله: {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} قيل (٢): أي: ادرسوهُ لِتَرِقَّ قلوبُكم، ولتذكروا به الوعدَ والوعيدَ. ويَحتملُ {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} أي: احفظُوه ولا تَنسوه، ويجوزُ إرادةُ المعنيين جميعًا.
وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي: لتَصيروا متَّقين، وعن النَّارِ متوقِّين.
ثمَّ قولُه: {خُذُوا} فيه مضمرٌ؛ أي: وقلنا لهم: خذوا، وهذا اختصارٌ يَدلُّ عليه سياقُ الكلام، ولأنَّ ذكرَ الميثاقِ يَقتضيهِ، كأنَّه قال: واثقناكم أن خذوا.
ثمَّ قولُه: {مِيثَاقَكُمْ} وُحِّدَ وإِنْ أُضِيفَ إلى الجمعِ، ولم يقل: مواثيقكم؛ لأنَّ المرادَ ميثاقُ كلِّ واحد؛ أي: أخذنا مِنْ كلِّ واحدٍ منكم ميثاقَهُ، كما قال: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} الحج: ٥؛ أي: كلَّ واحدٍ.
(١) في (ر): "فلذلك سجد اليهود كذلك"، وفي (ف): "وكذلك سجد اليهود لذلك" بدل: "وكذلك تسجد اليهود لذلك".
(٢) لفظ: "قيل" من (أ).