وقوله {تُثِيرُ الْأَرْضَ} أي: تكربها (١) وتُقلِّبُها؛ وقد (٢) أثارَها إثارةً، ولازمُه: ثَار يَثُورُ ثَوَرَانًا، وإثارةُ الأرض سمِّيَت بها لثَوَرانِ تُرابها بها، يقال (٣): ثارَ الدُّخانُ والغبارُ والتُّراب، وثار القطا؛ أي: نهضَ، وثارَ الدَّمُ في وجهه؛ أي: ظهر، وثار الشَّفقُ أيضًا (٤).
وقوله تعالى: {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} أي: الزَّرعَ؛ أي: لا يُسقَى عليها للحرث بالسَّواني، ولم تُلَيَّن بإثارةِ الأرض وتقليبها للزِّراعة.
وقوله تعالى: {مُسَلَّمَةٌ} أي: سالمةٌ مِن العيوب كلِّها.
وقيل: أي: مسلَّمةٌ عن العمل؛ لأنَّها وَحشيَّةٌ (٥)، ولو عُمِلَ عليها لم تَخْلُ مِن (٦) عيبٍ بها؛ يعني: لبراءتها مِن العمل هي بريئةٌ مِن العيوب.
وقوله تعالى: {لَا شِيَةَ فِيهَا} أي: لا لونَ فيها يُخَالِفُ لونَ جميعِ جلدِها، واشتقاقُها مِن وَشْيِ الثَّوبِ، وهو استعمالُ ألوان (٧) الغزل في نسجه.
وقال سهلُ بنُ عبد اللَّه التُّستَريُّ: أي: لا علامةَ فيها تشينُها (٨).
وتقديرها فِعْلَة، وأصلُها: وِشْيَة، كالصِّفة والزِّنة والعِدَة، أصلُها: وِصْفَة ووِزْنَة ووِعْدَة.
(١) يقال: كربْتُ الأرض، إذا قلَّبتَها للزرع. انظر: "الصحاح": (كرب).
(٢) في (ف) و (ر): "أي" بدل: "وقد".
(٣) في (أ): "ويقال".
(٤) لفظ: "أيضًا" من (أ).
(٥) لفظ: "وحشية" من (أ).
(٦) في (أ): "عن".
(٧) في (أ): "ألطف".
(٨) انظر: "تفسير التستري" (١/ ٣١).