وقيل: أي: الآن تحقَّق لنا وصفُ هذه البقرة فِي سنِّها (١) ولونها وصفتها، وهي عند فلانٍ، عرفناها، فنشتريها منه، ونذبحُها ائتمارًا بأمر اللَّه تعالى.
وقيل: أي: الآن تبيَّن (٢) لنا أنَّك جئتَ بالحقِّ والجِدِّ، وما كُنتَ هازئًا (٣)، ومن قال: كفروا بنسبته إلى الهزء، فقد آمنوا بهذا الانقيادِ والقَبول والاعتقاد.
وقوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} أي: اشتروها وذبحوها، قوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} أي: فعلوا ذلك بعد الاستقصاءِ، حتَّى كاد يقع اليأسُ عن ذلك.
وقيل: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} خوفًا على أنفسهم أن يَفتَضِحوا بظهورِ القاتل.
وقيل: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} لغلاءِ ثمنها.
وقيل: استقصوا في صفة (٤) تلك البقرة، والسُّؤالِ عنها، و (٥) عن أحوالها، والاستقصاءُ في الشيء ربَّما يكون للمدافعة (٦).
ثمَّ ذكروا في التفاسير المعروفة أنَّهم لو ذَبحوا بقرةً، أيَّ بقرةٍ كانت، جاز لهم ذلك، فلمَّا بحثوا عنها، وسألوه مرارًا، كان استقصاؤهم سببًا لتغليظِ الأمر عليهم، إلى أن ينتهي الأمرُ إلى بقرةٍ بلغت الثَّمنَ الكثير (٧)، فإنَّهم اشتروها بملئِ
(١) في (ف) و (ر): "شيتها".
(٢) في (أ): "يتبين".
(٣) في (أ): "هازلًا".
(٤) في (أ): "وصف".
(٥) قوله: "عنها و" ليس في (أ).
(٦) في (ر): "للموافقة"، والمثبت موافق لما في "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٦٣).
(٧) في (ر): "غلا ثمنها كثيرًا"، وفي (ف): "غلت الثمن الكثير" بدل: "بلغت الثمن الكثير".