"أنتم" على الخطاب؛ لأنَّ قولَه: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ} على الخطاب، وظاهرُه خطابُ أهل عصر النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومعناه خطابُ أسلافِهم بما فعلوا، وقد مرَّ بيانُ وجهِه.
والثاني: ثمَّ تولَّى أسلافُكم، وأنتم يا أهلَ عصر النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- معرضون كإعراضهم، وقد كان لزمَكُم بهذا الميثاقِ ما لزمهم.
والثالث: ثمَ تولَّيتم أنتم يا هؤلاء معرضين عن ذلك أيضًا، مع أنَّه لزمَكم أيضًا.
قوله: {إِلَّا قَلِيلًا} استثناءُ من ثبت على الحقِّ مِن السَّلف فلم يتول، وهم السِّبْطان والنِّصفُ الذين لم يَعبدوا العجلَ، والسَّبعون المختارون للميقات.
أو استثناء مَن أسلمَ في عصر النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، من عبد (١) اللَّه بن سلام وأصحابِه.
وقوله: {ثُمَّ} قد تكون للتَّرتيب مع التراخي؛ أي: بعد مدَّةٍ (٢) تولَّيتُم، ويَحتملُ أن تكون للتَّعجيب، كما في قوله: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} الأنعام: ١؛ أي: تعجَّبوا منهم أنَّهم مع تأكيدنا (٣) الميثاق عليهم تولَّوا.
* * *
(٨٤) - {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ}؛ أي: واذكروا أيضًا إذ أخذْنا ميثاقَكُم.
وقوله تعالى: {لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ}؛ أي: لا يسفكْ بعضُكم دمَ بعضٍ؛ أي: لا يُصِب.
(١) في (ر): "كعبد".
(٢) بعدها في (أ): "بهم"، وفي (ف): "ثم".
(٣) في (أ): "تأكيد".