الأوَّل (١): بذلوا أنفسَهم بهذا الثَّمن، فصارت للنَّار، وهو معنى قوله: {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} الأنعام: ١٢.
والثَّاني: بئسَ ما باعوا به حظَّ أنفسِهم من النَّجاة والكرامة بالثَّمن الذي هو الهلاكُ والإهانة، فيكونُ فيه مضمرٌ، ويكونُ معنى قوله: {أَنْفُسَهُمْ} أي: حظَّ أنفسِهم، كما في قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} يوسف: ٨٢ (٢)؛ أي: أهل القرية.
وقال القفَّال: يجوزُ أن يُحمَلَ على الاشتراءِ الذي هو التَّملُّك، فإنَّ النفسَ مرهونةٌ بعمَلِها، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} المدثر: ٣٨، وافتكاكُها بمنزلةِ اشترائها، إنَّما يجبُ أن يشتريَها بالعمل الصَّالح، فإذا كفرَ فقد أراد افتكاكَها به، وبئس ما افتكَّها به.
وقيل: البيعُ والشِّراءُ: معاوضة، وهما بيِّعان (٣) ومتبايعان، فيقعُ الاسمُ على كلِّ واحدٍ منهما على الانفراد، ويكون معناهُ: بئس ما عاوضوا به.
وقيل: الاشتراءُ: الاختيار، وتقديره: بئس ما اختاروهُ لأنفسِهم.
والباء في {بِهِ} صلةٌ زائدةٌ، ونصب {أَنْفُسَهُمْ} بإضمار اللام.
وقيل: {أَنْ يَكْفُرُوا} في موضع خفضٍ ردًّا على الهاء التي في {بِهِ}، أي: اشترَوا أنفسَهم بالكفر.
وقوله تعالى: {بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} أي: بالقرآن.
(١) لفظ: "الأول" من (ف).
(٢) وقع فوقها هنا في (ر) بخط دقيق: "التي قالتها".
(٣) في (أ): "بائعان".