تحت مجلسِ سليمان، وكان سليمانُ عليه السلام لا يَعلمُ الغيبَ، فلمَّا فارقَ سليمانُ الدُّنيا؛ استخرَجوا ذلك السِّحرَ، وخَدَعوا به النَّاس، وقالوا: هذا عِلْمٌ كان سليمانُ يَكتمُهُ، ويَحسُدُ النَّاسَ عليه، فأخبرَهم عليه الصَّلاةُ والسَّلام بهذا الحديث، فرَجَعوا مِن عنده وقد أخزاهُمُ اللَّهُ وأدْحَضَ حُجَّتَهم (١).
واجتمعَ لهم بذلك وجوهُ كفرٍ وكبائرَ؛ نبذُ كتاب اللَّه، وتَصويبُ السِّحرِ وإيثارُهُ على كتاب اللَّه، والاستئكالُ بالحرام، وإضلالُ الناس وصدُّهم عن الإيمان، وتوهيمهم أنَّ معجزات الأنبياء لا حقيقةَ لها، وأنَّها مِن جنس السِّحر.
وقوله: {مَا تَتْلُو} أي: ما تتلوهُ، فالهاءُ مضمرةٌ، و {تَتْلُو} قيل: أي (٢): تَتَّبعُ؛ وهو قول ابن عباس وأبي رزين (٣)، كما في قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} الشمس: ٢.
وقيل: أي: يقرأ، وهو قولُ مجاهدٍ وعطاء (٤)، مِن قوله تعالى: {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} الصافات: ٣.
وقال أبو عبيدة: أي: ما تتكلَّم وتقول وتتلو (٥).
قيل: معناه: تلت على الماضي، وهو كقول الشاعر:
ولقد أمرُّ على اللئيمِ يَسُبُّني... فمَضَيْتُ ثُمَّت قلتُ: لا يعنيني (٦)
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣١٥).
(٢) لفظ: "أي" من (أ).
(٣) روى قوليهما الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣٢٠).
(٤) روى قوليهما الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣١٩).
(٥) انظر "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٤٨).
(٦) البيت لرجل من بني سلول، كما ذكر سيبويه في "الكتاب" (٣/ ٢٤)، والبغدادي في "الخزانة" (١/ ٣٥٧ - ٣٥٨)، ونسبه الأصمعي في "الأصمعيات" (ص: ١٢٦) لشَمِر بن عمرو الحنفي، =