قالوا: أمَّا مسخُها كوكبًا فغيرُ مستنكرٍ؛ لأنَّ اللَّه تعالى مسخَ أقوامًا، ولكن صيرورتُها زهرةَ المشهورةَ في السَّماء ضعيفٌ؛ لأنَّ زهرة في السماء مذ خلقَها اللَّهُ تعالى وخلق فيها الكواكب، فيجوز أن يكون كوكبًا آخرَ يُشبهها.
وقيل: هي تعذَّب في السماء.
وقيل: بل صارت إلى النَّار، كسائر ما مُسِخ.
ثمَّ بعثَ اللَّهُ ملكًا. وقيل: كان معه جبريل (١)، ومُنِع هاروتُ وماروتُ الصُّعود إلى السماء بعصيانهما؛ وهو مراودتُهما زُهرة، ولا يَثبت الزِّنى بها منهما، ولا شربُ الخمرِ، ولا قتلُ النَّفْسِ، وإنْ ذُكِر ذلك في بعض الرِّوايات.
فقال جبريل صلوات اللَّه عليه لهما: إنَّ اللَّه تعالى يُخَيِّركما بين عذابِ الدُّنيا، وتكونان في الآخرة في المشيئةِ؛ إنْ شاءَ عذَّبكُما، وإنْ شاءَ رحمَكُما، وبينَ أن يؤخِّرَ عنكما العذابَ، فاستشارَا جبريلَ صلواتُ اللَّه عليه، فأشار عليهما (٢) أن يختارا عذابَ الدُّنيا، فهما يعذَّبان ببابلَ، معلَّقين هناك.
وقيل: بابل هو الذي يُعرَف بقرب الكوفة.
وقيل: هو بدما وند دون بابل الكوفة. وبابلُ لا ينصرفُ؛ لأنَّه أعجميٌّ، وهو معرفة.
وقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} فمعناه
= عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس هو في شيءٍ يؤخذ بقياس. اهـ. وانظر الكلام في تزييف هذه القصص في "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" للشيخ محمد أبو شهبة (ص ١٥٩ - ١٦٤).
(١) في (ف): "هو جبريل صلوات اللَّه عليه" بدل "كان معه جبريل".
(٢) في (ف): "إليهما".