وقيل: معنى قوله: {عَلَى شَيْءٍ}: من الجنَّة، {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} فيعلمون كَذِبَ دعواهم، {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} أي: قالوا: ليس المسلمون على شيءٍ من الجنَّة، ونحن أولى بها منهم؛ كما أخبر اللَّه عزَّ وعلا عمَّن قال: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} فصلت: ٥٠.
وقوله تعالى: {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} أي: يريهم مَن يَدخلُ الجنة عيانًا، ويَدخلُ النَّار عيانًا، فيظهرُ المُحِقُّ من المُبْطِلِ، وهو الحكم الفاصل (١) فيما يَصيرُ إليه كلُّ فرقةٍ؛ فأمَّا الحكمُ بينهم بالحُجَّة؛ فقد بيَّنه اللَّه تعالى فيما أظهره من حُجَج المسلمين، ومِنْ عجزِ الخلقِ عن (٢) أن يأتوا بمثل هذا (٣) القرآن.
* * *
(١١٤) - {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} انتظامُها بما قبلَها أنَّ الآيةَ الأولى في ذكر قبح مقالهم، وهذه في ذكرِ قبح فعالهم.
ووجهٌ آخر: كيف يدَّعون أنَّهم أهلُ الجنَّة وهم يمنعونَ عباد اللَّه عن عبادة اللَّه في بيوت اللَّه؟!
و {ومَن} كلمة استفهامٍ، وهي بمعنى النَّفي هاهنا؛ أي: لا أحدَ أظلمُ مِن فاعل
(١) في (أ): "الفصل".
(٢) لفظ: "عن" من (أ).
(٣) لفظ: "هذا" من (أ).