وقيل (١): هو قطعُ أيدي النَّصارى عن بيتِ المقدس بعد أنْ كانوا ممكّنين (٢) منه. ويقال: ما مِن يومٍ إلَّا ويؤسَرُ فيه من الرُّوم أو يُقتَل؛ لوعيد اللَّه تعالى فيهم.
وقال السُّدِّيُّ: خزيُهم عند خروج المهديِّ، وقتله إيَّاهم، وفتحِ القُسْطَنْطِينيَّة (٣).
وقال مقاتل (٤): هو فتحُ مدائنهم الثَّلاث، قُسْطَنْطِينيَّة وعمورية ورومية (٥).
وقوله تعالى: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} تقدَّم ما سردناهُ من الأقاويل على خزي الدُّنيا، وعذاب الآخرة (٦): النَّارُ الكبرى، والعذابُ بها أشدُّ من كلِّ عذابٍ؛ لأنَّه لا يَنقطع.
وقال عبدُ الرَّحمن بنُ زيد بنِ أسلم: هم مشركو العرب حين صدُّوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن دخول مكَّة عام الحديبية (٧).
والمرادُ بالسَّعيِ في خرابه هو المنعُ عن الصَّلاة فيه، دون تخريبِه حقيقةً، فإنَّ عمارةَ المسجدِ تكونُ بالعبادة فيه لا بالبناء، قال تعالى: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} الطور: ٤؛ أي: بالعبادةِ، لا بالبناء، ولأنَّ منعَهم عن العبادة فيه وتفريقَهم يَمنعُهم عن تفقُّده (٨)، فيتخرَّبُ أبنيتُه.
(١) في (أ): "وقال بعضهم".
(٢) في (ف): "متمكنين".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٤٤٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٢١١) (١١١٨).
(٤) في (ر) و (ف): "مقاتل"، والمثبت هو الصواب.
(٥) "تفسير مقاتل" (١/ ١٣٣).
(٦) من قوله: "تقدم ما سردناه" إلى هنا من (ر).
(٧) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٤٤٤).
(٨) في (أ): "تعهد" بدل: "تفقده".