وخيبر. وقيل: الروم، لأنهم كانوا يسكنون الشأم والشأم أقرب إلى المدينة من العراق وغيره، وهكذا المفروض على أهل كل ناحية أن يقاتلوا من وليهم، ما لم يضطر إليهم أهل ناحية أخرى.
وعن ابن عمر رضى الله عنه أنه سئل عن قتال الديلم؟ فقال: عليك بالروم. وقرئ غِلْظَةً بالحركات الثلاث، فالغلظة كالشدّة، والغلظة كالضغطه، والغاظة كالسخطة ونحوه وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَلا تَهِنُوا وهو يجمع الجرأة والصبر على القتال وشدّة العداوة والعنف في القتل والأسر، ومنه وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ. مَعَ الْمُتَّقِينَ ينصر من اتقاه فلم يترأف على عدوّه
سورة التوبة (٩) : الآيات ١٢٤ الى ١٢٥
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (١٢٥)
فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فمن المنافقين من يقول بعضهم لبعض أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السورة إِيماناً إنكاراً واستهزاء بالمؤمنين واعتقادهم زيادة الإيمان بزيادة العلم الحاصل بالوحي والعمل به.
وأيكم: مرفوع بالابتداء. وقرأ عبيد بن عمير: أيكم، بالفتح على إضمار فعل يفسره زادَتْهُ تقديره: أيكم زادت زادته هذه إيمانا فَزادَتْهُمْ إِيماناً لأنها أزيد لليقين والثبات، وأثلج للصدر. أو فزادتهم عملا، فإن زيادة العمل زيادة في الإيمان، لأنّ الإيمان يقع على الاعتقاد والعمل فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ كفراً مضموما إلى كفرهم، لأنهم كلما جدّدوا بتجديد الله الوحى كفراً ونفاقا، ازداد كفرهم واستحكم وتضاعف عقابهم.
سورة التوبة (٩) : الآيات ١٢٦ الى ١٢٧
أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧)
قرئ: ولا يرون، بالياء والتاء يُفْتَنُونَ يبتلون بالمرض والقحط وغيرهما من بلاء الله ثم لا ينتهون ولا يتوبون عن نفاقهم، ولا يذكرون، ولا يعتبرون، ولا ينظرون في أمرهم، أو يبتلون في الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعاينون أمره وما ينزل الله عليه من نصرته وتأييده. أو يفتنهم الشيطان فيكذبون وينقضون العهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقتلهم وينكل بهم، ثم لا ينزجرون نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ تغامزوا بالعيون إنكاراً للوحى «١»
(١) . قال محمود: «معناه تغامزوا بالعيون إنكاراً للوحى … الخ» قال أحمد: يحتمل الدعاء كما فسره. ويحتمل الاخبار بأن الله صرف قلوبهم أى منعها من تلقى الحق بالقبول، ولكن الزمخشري يفر من جعله خبرا لأن صرف القلوب عن الحق لا يجوز على الله تعالى عنده، بناء على قاعدة الصلاح والأصلح، ولا يزال يؤول الظاهر إذا اقتضى ذلك كما مر له في قوله خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فلما احتملت هذه الآية الدعاء والخبر على حد سواء، تعين عنده جعلها دعاء، ثم في هذا الدعاء مناسبة الفعل الصادر منهم وهو الانصراف، كقوله وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وكقوله وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ.