سورة هود عليه السلام
(مكية إلا الآيات ١٢ و ١٧ و ١١٤ فمدنية وهي مائة وثلاث وعشرون آية نزلت بعد سورة يونس ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة هود (١١) : آية ١
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)
أُحْكِمَتْ آياتُهُ نظمت نظما رصينا محكما لا يقع فيه نقض ولا خلل، كالبناء المحكم المرصف.
ويجوز أن يكون نقلا بالهمزة، من «حكم» بضم الكاف، إذا صار حكيما: أى جعلت حكيمة، كقوله تعالى آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ وقيل: منعت من الفساد، من قولهم: أحكمت الدابة إذا وضعت عليها الحكمة لتمنعها من الجماح. قال جرير:
أبَنِى حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ … إنِّى أخَافُ عَلَيْكُمُ أنْ أغْضَبَا «١»
وعن قتادة: أُحكمت من الباطل ثُمَّ فُصِّلَتْ كما تفصل القلائد بالفرائد، من دلائل التوحيد، والأحكام، والمواعظ، والقصص. أو جعلت فصولا، سورة سورة، وآية آية. وفرقت في التنزيل ولم تنزل جملة واحدة. أو فصل فيها ما يحتاج إليه العباد: أى بين ولخص. وقرئ:
أحكمت آياته ثم فصلت: أى أحكمتها أنا ثم فصلتها. وعن عكرمة والضحاك: ثم فصلت، أى فرّقت بين الحق والباطل. فإن قلت: ما معنى ثم؟ قلت: ليس معناها التراخي في الوقت، ولكن في الحال، كما تقول: هي محكمة أحسن الأحكام، ثم مفصلة أحسن التفصيل. وفلان كريم الأصل، ثم كريم الفعل. وكتاب: خبر مبتدإ محذوف. وأحكمت: صفة له. وقوله مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ صفة ثانية. ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر، وأن يكون صلة لأحكمت وفصلت، أى: من عنده إحكامها وتفصيلها. وفيه طباق حسن، لأنَّ المعنى: أحكمها حكيم وفصلها: أى بينها وشرحها خبير عالم بكيفيات الأمور.
(١) . لجرير، يقول: يا بنى حنيفة «امنعوا سفهاءكم عنى كما تمنع الدابة بالحكمة، فان غضبى عليكم شديد. وفيه ضرب من التهديد، فخوفه عليهم كناية عن ذلك. وأن أغضب: مفعول أخاف، أى أخاف عليكم غضبى.