سأترك منزلي لبنى تميم … وألحق بالحجاز فاستريحا «١»
وقرئ فيدمغه.
سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١٩ الى ٢٠
وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ (٢٠)
وَمَنْ عِنْدَهُ هم الملائكة. والمراد أنهم مكرمون، منزلون- لكرامتهم عليه- منزلة المقرّبين عند الملوك على طريق التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم على جميع خلقه «٢» . فإن قلت:
الاستحسار مبالغة في الحسور «٣» ، فكان الأبلغ في وصفهم أن ينفى عنهم أدنى الحسور. قلت في الاستحسار بيان أنّ ما هم فيه يوجب غاية الحسور «٤» وأقصاه، وأنهم أحقاء لتلك العبادات الباهظة بأن يستحسروا فيما يفعلون. أى، تسبيحهم متصل دائم في جميع أوقاتهم، لا يتخلله فترة بفراغ أو شغل آخر.
سورة الأنبياء (٢١) : آية ٢١
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١)
هذه أم المنقطعة الكائنة بمعنى بل والهمزة، قد آذنت بالإضراب عما قبلها والإنكار لما بعدها، والمنكر: هو اتخاذهم آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ الموتى «٥» ، ولعمري أن من أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات. فإن قلت: كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر «٦» وما كانوا يدعون ذلك لآلهتهم؟ وكيف وهم أبعد شيء عن هذه الدعوى وذلك أنهم كانوا- مع إقرارهم لله عزّ وجل بأنه خالق السماوات والأرض وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وبأنه القادر على المقدورات كلها وعلى النشأة الأولى- منكرين البعث ويقولون: من يحيى العظام وهي رميم، وكان عندهم من قبيل المحال الخارج عن قدرة القادر كثانى القديم، فكيف يدعونه للجماد الذي لا يوصف بالقدرة رأسا؟ قلت: الأمر
(١) . تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٥٥٧ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٢) . قوله «لشرفهم وفضلهم على جميع خلقه» هذا عند المعتزلة. أما عند أهل السنة فبعض البشر أفضل. (ع)
(٣) . قال محمود: «إن قلت لم استعمل الاستحسار هاهنا في النفي … الخ» قال أحمد: وبمثله أجيب عن قوله تعالى وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فانظره.
(٤) . قوله «يوجب غاية الحسور» أى الكلال. أفاده الصحاح. (ع)
(٥) . قوله «هم ينشرون الموتى» الأبشار: الأحياء بعد الموت. أفاده الصحاح. (ع)
(٦) . قال محمود: «إن قلت كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة … الخ» قال أحمد: فيكون المنكر عليهم صريح الدعوى ولازمها وهو أبلغ في الإنكار، والله سبحانه وتعالى أعلم.