جئّار ساعات النّيام لربّه
أى يقال لهم حينئذ لا تَجْأَرُوا فإن الجؤار غير نافع لكم مِنَّا لا تُنْصَرُونَ لا تغاثون ولا تمنعون منا أو من جهتنا، لا يلحقكم نصر ومغوثة. قالوا: الضمير في بِهِ للبيت العتيق أو للحرم، كانوا يقولون: لا يظهر علينا أحد لأنا أهل الحرم. والذي سوّغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت، وأنه لم تكن لهم مفخرة إلا أنهم ولاته والقائمون به. ويجوز أن يرجع إلى آياتي، إلا أنه ذكر لأنها في معنى كتابي. ومعنى استكبارهم بالقرآن: تكذيبهم به استكبارا.
ضمن مستكبرين معنى مكذبين، فعدّى تعديته. أو يحدث لكم استماعه استكبارا وعتوّا، فأنتم مستكبرون بسببه. أو تتعلق الباء بسامرا، أى: تستمرون بذكر القرآن وبالطعن فيه، وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون، وكانت عامّة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحرا وشعرا وسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو يتهجرون. والسامر: نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع. وقرئ: سمرا وسمارا. وتهجرون وتهجرون، من أهجر في منطقه إذا أفحش. والهجر- بالضم-: الفحش، ومن هجر الذي هو مبالغة في هجر إذا هذى. والهجر-: بالفتح الهذيان.
سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٦٨ الى ٧٠
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠)
الْقَوْلَ القرآن، يقول: أفلم يتدبروه ليعلموا أنه الحق المبين فيصدّقوا به وبمن جاء به، بل أجاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ فلذلك أنكروه واستبدعوه، كقوله: لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ أو ليخافوا عند تدبر آياته وأقاصيصه مثل ما نزل بمن قبلهم من المكذبين، أم جاءهم من الأمن ما لم يأت آباءهم حين خافوا الله فآمنوا به وبكتبه ورسله وأطاعوه؟ وآباؤهم: إسماعيل وأعقابه من عدنان وقحطان. وعن النبي صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين، ولا تسبوا قسا فإنه كان مسلما، ولا تسبوا الحارث بن كعب ولا أسد بن خزيمة ولا تميم ابن مرّ. فإنهم كانوا على الإسلام، وما شككتم فيه من شيء فلا تشكوا في أن تبعا كان مسلما «١» »
(١) . قلت اقتصر المخرج في عزو الجملة الأولى إلى السهيلي عن الزبير، وتتضمن الباقي. وقد أخرجه ابن سعد والبلاذري من طريق سعد ابن أبى أيوب عن عبد الله بن خالد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا تسبوا مضر فانه كان مسلما. وأما تبع فروى الفاكهي من طريق عمر بن جابر عن سهل بن سعد رفعه، لا تسبوا تبعا فانه قد أسلم. وأخرجه الحاكم من طريق ابن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: «كان تبع رجلا صالحا. الحديث» موقوف. وقوله: والخطبة التي خطبها أبو طالب في نكاح خديجة بنت خويلد رضى الله عنها كفى برغائها مناديا: قلت نص له أيضا.