سَلامٌ عَلَيْكُمْ توديع ومتاركة. وعن الحسن رضى الله عنه: كلمة حلم من المؤمنين لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ لا نريد مخالطتهم وصحبتهم فإن قلت: من خاطبوا بقولهم وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ؟ قلت:
اللاغين الذين دل عليهم قوله وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ.
سورة القصص (٢٨) : آية ٥٦
إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)
لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم، لأنك عبد لا تعلم المطبوع على قلبه من غيره وَلكِنَّ اللَّهَ يدخل في الإسلام مَنْ يَشاءُ وهو الذي علم أنه غير مطبوع على قلبه، وأن الألطاف ننفع فيه، فيقرن به ألطافه حتى تدعوه إلى القبول وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ بالقابلين من الذين لا يقبلون. قال الزجاج:
أجمع المسلمون أنها نزلت في أبى طالب، وذلك أن أبا طالب قال عند موته: يا معشر بنى هاشم، أطيعوا محمدا وصدّقوه تفلحوا وترشدوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تأمرهم بالنصيحة لأنفسهم وتدعها لنفسك؟ قال: فما تريد يا ابن أخى؟ قال: أريد منك كلمة واحدة فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا: أن تقول لا إله إلا الله، أشهد لك بها عند الله. قال: يا ابن أخى، قد علمت إنك لصادق، ولكنى أكره أن يقال: خرع عند الموت «١» ، ولولا أن تكون عليك وعلى بنى أبيك غضاضة»
ومسبة بعدي، لقلتها، ولأقررت بها عينك عند الفراق، لما أرى من شدّة وجدك ونصيحتك، ولكنى سوف أموت على ملة الأشياخ عبد المطلب وهاشم وعبد مناف.
سورة القصص (٢٨) : آية ٥٧
وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧)
قالت قريش «٣» ، وقيل: إن القائل الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف: نحن نعلم أنك على الحق، ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب بذلك- وإنما نحن أكلة رأس، أى: قليلون- أن يتخطفونا من أرضنا، فألقمهم الله الحجر. بأنه مكن لهم في الحرم الذي آمنه بحرمة البيت وآمن قطانه بحرمته، وكانت العرب في الجاهلية حولهم يتغاورون ويتناحرون، وهم آمنون في حرمهم لا يخافون، وبحرمة البيت هم قارّون بواد غير ذى زرع، والثمرات والأرزاق تجبى إليهم من كل
(١) . قوله «أكره أن يقال خرع عند الموت» في الصحاح: خرع الرجل- بالكسر-: ضعف، فهو خرع. (ع)
(٢) . قوله «غضاضة» أى: مذلة ومنقصة. (ع)
(٣) . لم أجده، وقصة وفاة أبى طالب في الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن ابنه بغير هذا السياق أو أخصر منه.