يريد المقلد، وقيل: يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن. وقيل: يستمعون أوامر الله فيتبعون أحسنها، نحو القصاص والعفو، والانتصار والإغضاء، والإبداء والإخفاء لقوله تعالى وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى، وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعن ابن عباس رضى الله عنهما: هو الرجل يجلس مع القوم فيسمع الحديث فيه محاسن ومساو، فيحدّث بأحسن ما سمع ويكف عما سواه. ومن الوقفة من يقف على: فبشر عبادي، ويبتدئ: الذين يستمعون، يرفعه على الابتداء، وخبره أُولئِكَ.
سورة الزمر (٣٩) : آية ١٩
أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩)
أصل الكلام: أمّن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه، جملة شرطية دخل عليها همزة الإنكار والفاء فاء الجزاء، ثم دخلت الفاء التي في أوّلها للعطف على محذوف يدل عليه الخطاب، تقديره:
أأنت مالك أمرهم، فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه، والهمزة الثانية هي الأولى، كرّرت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد، ووضع مَنْ فِي النَّارِ موضع الضمير، فالآية على هذا جملة واحدة. ووجه آخر: وهو أن تكون الآية جملتين: أفمن حق عليه العذاب فأنت تخلصه؟ أفأنت تنقذ من في النار؟ وإنما جاز حذف: فأنت تخلصه، لأن أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ يدل عليه: نزل استحقاقهم العذاب وهم في الدنيا منزلة دخولهم النار، حتى نزل اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكدّه نفسه في دعائهم إلى الإيمان: منزلة إنقاذهم من النار. وقوله أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ يفيد أنّ الله تعالى هو الذي يقدر على الإنقاذ من النار وحده، لا يقدر على ذلك أحد غيره، فكما لا تقدر أنت أن تنقذ الداخل في النار من النار، لا تقدر أن تخلصه مما هو فيه من استحقاق العذاب بتحصيل الإيمان فيه.
سورة الزمر (٣٩) : آية ٢٠
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ (٢٠)
غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ علالي بعضها فوق بعض. فإن قلت: ما معنى قوله مَبْنِيَّةٌ؟
قلت: معناه- والله أعلم-: أنها بنيت بناء المنازل التي على الأرض وسوّيت تسويتها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كما تجرى من تحت المنازل، من غير تفاوت بين العلوّ والسفل وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد، لأنّ قوله لهم غرف في معنى، وعدهم الله ذلك.
سورة الزمر (٣٩) : آية ٢١
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١)