ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم … خيلا تكرّ عليهم ورجالا «١»
يوقب على عَلَيْهِمْ ويبتدأ هُمُ الْعَدُوُّ أى الكاملون في العداوة: لأنّ أعدى الأعداء العدوّ المداجى «٢» ، الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوىّ فَاحْذَرْهُمْ ولا تغترر بظاهرهم.
ويجوز أن يكون هُمُ الْعَدُوُّ المفعول الثاني، كما لو طرحت الضمير. فإن قلت: فحقه أن يقال:
هي العدوّ. قلت: منظور فيه إلى الخبر، كما ذكر في هذا رَبِّي وأن يقدر مضاف محذوف على:
يحسبون كل أهل صيحة قاتَلَهُمُ اللَّهُ دعاء عليهم، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم. أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك أَنَّى يُؤْفَكُونَ كيف يعدلون عن الحق تعجبا من جهلهم «٣» وضلالتهم.
سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ٥ الى ٦
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٦)
لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ عطفوها وأمالوها إعراضا عن ذلك واستكبارا. وقرئ بالتخفيف والتشديد للتكثير.
سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ٧ الى ٨
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨)
روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين لقى بنى المصطلق على المريسيع وهو ماء لهم وهزمهم وقتل منهم: ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد أجير لعمر يقود فرسه،
(١) . للأخطل، يقول: لا زلت يا جرير تظن كل شيء بعدهم، أى: بعد خذلان قومك. ويجوز أن بعدهم بمعنى غيرهم، خيلا تكر: أى ترجع بسرعة عليهم ورجالا لكثرة ما قام بقلبك من الخوف.
(٢) . قوله «العدو المداجى الذي يكاشرك» أى المدارى. والكثر: التهسم تبدو منه الأسنان. والدوى- مقصور- المرض، تقول: دوى الرجل- بالكسر: مرض ودوى صدره أيضا: ضغن. ودوىّ الريح: حفيفها، كذا في الصحاح. (ع)
(٣) . قوله «تعجبا من جهلهم» لعله تعجب، بل لعله: تعجيب. (ع)