بالأجساد. وقيل بكتبها وأعمالها. وعن الحسن: هو كقوله وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً وقيل:
نفوس المؤمنين بالحور، ونفوس الكافرين بالشياطين. وأد يئد مقلوب من آد يئود: إذا أثقل. قال الله تعالى وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما لأنه إثقال بالتراب: كان الرجل إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها: ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمها: طيبيها وزينيها، حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئرا في الصحراء، فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها، حتى تستوي البئر بالأرض. وقيل: كانت الحامل إذا أقربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة، فإذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابنا حبسته. فإن قلت:
ما حملهم على وأد البنات؟ قلت: الخوف من لحوق العار بهم من أجلهنّ. أو الخوف من الإملاق، كما قال الله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ وكانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به، فهو أحق بهنّ. وصعصعة بن ناجية ممن منع الوأد، فبه افتخر الفرزدق في قوله:
ومنّا الّذى منع الوائدات … فأحيا الوئيد فلم توأد «١»
فإن قلت: فما معنى سؤال الموؤدة عن ذنبها الذي قتلت به، وهلا سئل الوائد عن موجب قتله لها؟ قلت: سؤالها وجوابها تبكيت لقاتلها نحو التبكيت في قوله تعالى لعيسى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ … إلى قوله … سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ وقرئ: سألت، أى:
خاصمت عن نفسها، وسألت الله أو قاتلها، وإنما قيل قُتِلَتْ بناء على أن الكلام إخبار عنها، ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت. فقيل: قتلت. أو كلامها حين سئلت لقيل: قتلت. وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما: قتلت، على الحكاية. وقرئ: قتلت، بالتشديد. وفيه دليل بين على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يستحق إلا بالذنب، وإذا بكت الله الكافر ببراءة الموؤدة من الذنب: فما أقبح به، وهو الذي لا يظلم مثقال ذرّة أن يكرّ
(١) . للفرزدق، يفتخر يجده صعصعة: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وقال: يا رسول الله، عملت أعمالا في الجاهلية فهل لي فيها من أجر؟ فقال: وما عملت؟ قال: قد أحييت ثلاثا وستين من الموؤدة أشترى الواحدة منهن بناقتين عشراويتين وجمل، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا من باب البر ولك أجره إذ من الله عليك بالإسلام. ويقال: وأد بنته إذا دفنها وهي حية، وكانت كندة تفعل ذلك خوف العار والفقر. ويروى: فأحيا الوئيد وهي أوقع. والوئيد يقال للمفرد والجمع مذكرا أو مؤنثا. ويروى: وجدي، أى: هو الذي منع الجماعات الدافنات بناتهن حيات وفداهن من الموت، فكأنه أحياهن، فأطلق الوئيد على المشرفات على الموت مجازا، والأحياء ترشيح.