الكفر وأسلموا غفر لهم ما قد سلف لهم من الكفر والمعاصي، وخرجوا منها كما تنسلّ الشعرة من العجين. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «الإسلام يجب ما قبله» «١» وقالوا: الحربي إذا أسلم لم يبق عليه تبعة قط. وأما الذي فلا يلزمه قضاء حقوق الله وتبقى عليه حقوق الآدميين.
وبه احتجّ أبو حنيفة رحمه الله في أنّ المرتدَّ إذا أسلم لم يلزمه قضاء العبادات المتروكة في حال الردّة. وقبلها، وفسر وَإِنْ يَعُودُوا بالارتداد. وقرئ يُغْفَرْ لَهُمْ على أن الضمير لله عز وجل
سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٩ الى ٤٠
وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠)
وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ إلى أن لا يوجد فيهم شرك قط وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ويضمحل عنهم كل دين باطل، ويبقى فيهم دين الإسلام وحده فَإِنِ انْتَهَوْا عن الكفر وأسلموا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يثيبهم على توبتهم وإسلامهم. وقرئ: تعملون، بالتاء، فيكون المعنى: فإن الله بما تعملون من الجهاد في سبيله والدعوة إلى دينه والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإسلام بَصِيرٌ يجازيكم عليه أحسن الجزاء وَإِنْ تَوَلَّوْا ولم ينتهوا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ أى ناصركم ومعينكم، فثقوا بولايته ونصرته.
سورة الأنفال (٨) : آية ٤١
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)
(١) . أخرجه مسلم من رواية عبد الرحمن بن أسامة عن عمرو بن العاص في قصة. وفيها هذا لكن بلفظ «يهدم ما قبله» قال النووي: غلط كثير من الفقهاء فذكره بلفظ «يجب ما قبله» ويروى «يحت» بالمهملة والمثناة اه. وقد رواه الطبري من هذا الوجه، بلفظ «إن الإسلام يجب ما كان قبله» وأخرجه ابن إسحاق في المغازي من طريق حبيب بن أبى أويس الثقفي حدثني عمرو بن العاص من فيه إلى في قال «لما جئت أريد الإسلام فذكر القصة. وفيها يا عمرو، إن الإسلام يجب ما قبله. والهجرة تجب ما كان قبلها» ومن هذا الوجه أخرجه أحمد وإسحاق والبيهقي في الدلائل. وأخرجه ابن سعد في خالد بن الوليد من طريق المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال قال خالد ابن الوليد … فذكر قصة إسلامه وفيها «إن الإسلام يجب ما كان قبله» وفي ترجمة المغيرة بن شعبة من رواية يعقوب ابن عتبة عن المغيرة. فذكر قصة إسلامه. وفيها ذلك. وفي ترجمة هبار بن الأسود من حديث جبير بن مطعم في قصة إسلام هبار. وفيه «والإسلام يجب ما كان قبله» وفي أسانيد الثلاثة الواقدي.