فهي صفة كضيغم وحيدر، وهي قراءة الأعمش، وقرأ عيسى بن عمر والأعمش بخلاف عنه «بيئس» كالتي قبل إلا كسر الهمزة على وزن فيعل، وهذا شاذ لأنه لا يوجد فيعل في الصحيح وإنما يوجد في المعتل مثل سيد وميت، وقال الزهراوي: روى نصر عن عاصم «بيس» على مثال ميت وهذا على أنه من البوس لا أصل له في الهمز، قال أبو حاتم زعم عصمة أن الحسن والأعمش قرءا «بئيس» الباء مكسورة والهمزة ساكنة والياء مفتوحة على مثال خديم، وضعفها أبو حاتم، وقرأ ابن عامر من السبعة «بئس» بكسر الباء وسكون الهمزة وتنوين السين المكسورة وقرأت فرقة «بأس» بفتح الباء وسكون الألف، وقرأ أبو رجاء «بائس» على وزن فاعل، وقرأ فرقة «بيس» بفتح الباء والياء والسين على وزن فعل، وقرأ مالك بن دينار «بأس» بفتح الباء والسين وسكون الهمزة على وزن فعل غير مصروف، وقرأ فرقة «بأس» مصروفا، وحكى أبو حاتم «بيس» قال أبو الفتح هي قراءة نصر بن عاصم، وحكى الزهراوي عن ابن كثير وأهل مكة «بيس» بكسر الباء ويهمز همزا خفيفا.
قال القاضي أبو محمد: ولم يبين هل الهمزة مكسورة أو ساكنة، وقوله: بِما كانُوا يَفْسُقُونَ أي لأجل ذلك وعقوبة عليه، و «العتو» الاستعصاء وقلة الطواعية، وقوله: قُلْنا لَهُمْ يحتمل أن يكون قولا بلفظ من ملك أسمعهم ذلك فكان أذهب في الإغراب والهوان والإصغار، ويحتمل أن يكون عبارة عن المقدرة المكونة لهم قردة، وخاسِئِينَ مبعدين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد «اخسأ» ، وكما يقال للكلب اخسأ، ف خاسِئِينَ خبر بعد خبر، هذا اختيار أبي الفتح، وضعف الصفة، وكذلك هو، لأن القصد ليس التشبيه بقردة مبعدات.
قال القاضي أبو محمد: ويجوز أن يكون خاسِئِينَ حالا من الضمير في كُونُوا، والصفة أيضا متوجهة مع ضعفها، وروي أن الشباب منهم مسخوا قردة والرجال الكبار مسخوا خنازير، وروي أن مسخهم كان بعد المعصية في صيد الحوت بعامين وقال ابن الكلبي إن إهلاكهم كان في زمن داود، وروي أن الناهين قسموا المدينة بينهم وبين العاصين بجدار، فلما أصبحوا ليلة أهلك العاصون لم يفتح مدينة العاصين حتى ارتفع النهار فاستراب الناهون لذلك فطلع أحد الناس على السور فرآهم ممسوخين قردة تتوا؟ ب، فصاح، فدخلوا عليهم يعرف الرجل قرابته ويعرف القرد أيضا كذلك قرابته، وينضمون إلى قرابتهم فيتحسرون، قال الزجاج: وقال قوم: يجوز أن تكون هذه القردة من نسلهم.
قال القاضي أبو محمد: وتعلق هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أمة من الأمم فقدت وما أراها إلا الفأر إذا قرب لها لبن لم تشرب، وبقوله صلى الله عليه وسلم في الضب، وقصص هذا الأمر أكثر من هذا لكن اختصرته واقتصرت على عيونه.
قوله عز وجل:
سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٧ الى ١٦٨
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧) وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨)