وليّي الله» بياء مكسورة مشددة وأخرى مفتوحة، وقرأ أبو عمرو فيما روي عنه «إن وليّ الله» بياء واحدة مشددة ورفع الله، قال أبو علي لا تخلو هذه القراءة من أن تدغم الياء التي هي لام الفعل في ياء الإضافة أو تحذف الياء التي هي لام الفعل وتدغم ياء فعيل في ياء الإضافة، ولا يجوز أن تدغم الياء التي هي لام الفعل في ياء الإضافة لأنه إذا فعل ذلك انفك الإدغام الأول، فليس إلا أنه حذف لام الفعل وأدغم ياء فعيل في ياء الإضافة، وقرأ ابن مسعود «الذي نزل الكتاب بالحق وهو يتولى الصالحين» ، وقرأ الجحدري فيما ذكر أبو عمرو الداني «أن ولي إله» على الإضافة وفسر ذلك بأن المراد جبريل صلى الله عليه وسلم، ذكر القراءة غير منسوبة أبو حاتم وضعفها وإن كانت ألفاظ هذه الآية تلائم هذا المعنى وتصلح له، فإن ما قبلها وما بعدها يدافع ذلك.
قوله عز وجل:
سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٩٧ الى ٢٠٠
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (١٩٨) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)
الضمير في قوله مِنْ دُونِهِ عائد على اسم الله تعالى وهذا الضمير مصرح بما ذكرناه من ضعف قراءة من قرأ «إن ولي الله» أنه جبريل صلى الله عليه وسلم، وهذه الآية أيضا بيان لحال تلك الأصنام وفسادها وعجزها عن نصرة أنفسها فضلا عن غيرها.
وقوله تعالى: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ الآية، قالت فرقة: المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والهاء والميم في قوله تَدْعُوهُمْ للكفار ووصفهم بأنهم لا يسمعون ولا يبصرون إذ لم يتحصل لهم عن النظر والاستماع فائدة ولا حلوا منه بطائل، قاله السدي ومجاهد، وقال الطبري: المراد بالضمير المذكور الأصنام، ووصفهم بالنظر كناية عن المحاذاة والمقابلة وما فيها من تخييل النظر كما تقول دار فلان تنظر إلى دار فلان، ومعنى الآية على هذا تبين جمودية الأصنام وصغر شأنها، وذهب بعض المعتزلة إلى الاحتجاج بهذه الآية على أن العباد ينظرون إلى ربهم ولا يرونه، ولا حجة لهم في الآية لأن النظر في الأصنام مجاز محض.
قال القاضي أبو محمد: وإنما تكرر القول في هذا وترددت الآيات فيه لأن أمر الأصنام وتعظيمها كان متمكنا من نفوس العرب في ذلك الزمن ومستوليا على عقولها فأوعب القول في ذلك لطفا من الله تعالى بهم.
وقوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ الآية، وصية من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم تعم جميع أمته وأخذ بجميع مكارم الأخلاق، وقال الجمهور في قوله خُذِ الْعَفْوَ إن معناه اقبل من الناس في أخلاقهم وأقوالهم ومعاشرتهم ما أتى عفوا دون تكلف، فالعفو هنا الفضل والصفو الذي تهيأ دون تحرج، قاله عبد