يدركم صلى» بفتح الضاد وكسرها، وقوله يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً معناه عاما من الأعوام وليس يريد أن تلك مداولة في الشهر بعينه عام حلال وعام حرام.
قال القاضي أبو محمد: وقد تأول بعض الناس القصة أنهم كانوا إذا شق عليهم توالي الأشهر الحرم أحل لهم المحرم وحرم عليهم صفر بدلا منه ثم مشت الشهور مستقيمة على أسمائها المعهودة فإذا كان من قابل حرم المحرم على حقه وأحل صفر، ومشت الشهور مستقيمة، ورأت هذه الطائفة أن هذه كانت حالة القوم.
قال القاضي أبو محمد: والذي قدمناه قبل أليق بألفاظ الآيات، وقد بينه مجاهد وأبو مالك، وهو مقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم، «إن الزمان قد استدار» مع أن هذا الأمر كله قد تقضى والله أعلم.
أي ذلك كان، وقوله لِيُواطِؤُا معناه ليوافقوا والمواطأة الموافقة تواطأ الرجلان على كذا إذا اتفقا عليه، ومعنى ليواطئوا عدة ما حرم الله ليحفظوا في كل عام أربعة أشهر في العدد.
قال القاضي أبو محمد: فأزالوا الفضيلة التي خص الله بها الأشهر الحرم وحدها بمثابة أن يفطر أحد رمضان ويصوم شهرا من السنة بغير مرض أو سفر، وقوله زُيِّنَ يحتمل هذا التزيين أن يضاف إلى الله عز وجل والمراد به خلقه لكفرهم وإقرارهم عليه وتحبيبه لهم، ويحتمل أن يضاف إلى مغويهم ومضلهم من الإنس والجن، ثم أخبر تعالى أنه لا يهديهم ولا يرشدهم، وهو عموم معناه الخصوص في الموافين أو عموم مطلق لكن لا هدية من حيث هم كفار.
قال القاضي أبو محمد: وذكر أبو علي البغدادي في أمر «النسيء» أنه كان إذا صدر الناس من منى قام رجل يقال له نعيم بن ثعلبة فيقول أنا الذي لا أعاب ولا يرد لي قضاء فيقولون أنسئنا شهرا أي أخّر عنا حرمة المحرم فاجعلها في صفر.
قال القاضي أبو محمد: واسم نعيم لم يعرف في هذا وما أرى ذلك إلا كما حكى النقاش من بني فقيم كانوا يسمون القلامس واحدهم قلمس وكانوا يفتون العرب في الموسم، يقوم كبيرهم في الحجر ويقوم آخر عند الباب ويقوم آخر عند الركن فيفتون.
قال القاضي أبو محمد: فهم على هذا عدة، منهم نعيم وصفوان ومنهم ذرية القلمس حذيفة وغيرهم.
قال القاضي أبو محمد: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «لا عدوى ولا هامة ولا صفر» ، فقال بعض الناس: إنه يريد بقوله لا صفر هذا النسيء، وقيل غير ذلك.
قوله عز وجل:
سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٨ الى ٣٩
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)