تركيب الشهوة والنسل فيه حين غضب عليه ما يدفع أنه كان من الملائكة» .
وقوله عز وجل: كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ الكهف: ٥٠ يتخرج على أنه عمل عملهم فكان منهم في هذا، أو على أن الملائكة قد تسمى جنا لاستتارها، قال تعالى: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً. الصافات: ١٥٨ وقال الأعشى في ذكر سليمان عليه السلام: الطويل
وسخّر من جن الملائك تسعة ... قياما لديه يعملون بلا أجر
أو على أن يكون نسبهم إلى الجنة كما ينسب إلى البصرة بصريّ، لما كان خازنا عليها، وإِبْلِيسَ لا ينصرف لأنه اسم أعجميّ معرف.
قال الزجاج: «ووزنه فعليل» .
وقال ابن عباس والسّدي وأبو عبيدة وغيرهم: هو مشتق من أبلس إذا أبعد عن الخير، ووزنه على هذا إفعيل ولم تصرفه هذه الفرقة لشذوذه، وأجروه مجرى إسحاق من أسحقه الله، وأيوب من آب يؤوب، مثل قيوم من قام يقوم، ولما لم تصرف هذه- ولها وجه من الاشتقاق- كذلك لم يصرف هذا وإن توجه اشتقاقه لقلته وشذوذه، ومن هذا المعنى قول الشاعر العجاج: الرجز .
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا ... قال نعم أعرفه وأبلسا
أي تغير وبعد عن العمار والإنس به ومثله قول الآخر: الرجز وفي الوجوه صفرة وإبلاس ومنه قوله تعالى: فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ الأنعام: ٤٤ أي يائسون عن الخير مبعدون منه فيما يرون- وأَبى معناه امتنع من فعل ما أمر به، واسْتَكْبَرَ دخل في الكبرياء، والإباية مقدمة على الاستكبار في ظهورهما عليه، والاستكبار والأنفة مقدمة في معتقده.
وروى ابن القاسم عن مالك أنه قال: بلغني أن أول معصية كانت الحسد والكبر والشح، حسد إبليس آدم وتكبر، وشح آدم في أكله من شجرة قد نهي عن قربها.
حكى المهدوي عن فرقة أن معنى وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ: وصار من الكافرين.
وقال ابن فورك: «وهذا خطأ ترده الأصول» .
وقالت فرقة: «قد كان تقدم قبل من الجن من كفر فشبهه الله بهم وجعله منهم، لما فعل في الكفر فعلهم» .
وذكر الطبري عن أبي العالية أنه كان يقول: «وكان من الكافرين معناه: من العاصين» .
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وتلك معصية كفر لأنها عن معتقد فاسد صدرت.