إلى الإيمان وهذا النوع من الآيات لم يأت بها نبي قط ولا هي المعجزات اضطرارية وإنما هي معرضة للنظر ليهتدي قوم ويضل آخرون، وقوله فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل لا يطلع على غيبه أحد، وقوله فَانْتَظِرُوا وعيد قد صدقه الله تعالى بنصرته محمدا صلى الله عليه وسلم، قال الطبري: في بدر وغيره، وقوله وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ الآية، المراد ب النَّاسَ في هذه الآية الكفار وهي بعد تتناول من العاصين من لا يؤدي شكر الله تعالى عند زوال المكروه عنه ولا يرتدع بذلك عن معاصيه، وذلك في الناس كثير، و «الرحمة» هنا بعد الضراء، كالمطر بعد القحط والأمن بعد الخوف والصحة بعد المرض ونحو هذا مما لا ينحصر، و «المكر» الاستهزاء والطعن عليها من الكفار، واطراح الشكر والخوف من العصاة، ووصف مكر الله بالسرعة وإن كان الاستدراج بمهلهم لأنه متقين به واقع لا محالة، وكل آت قريب، قال أبو حاتم: قرأ الناس «أن رسلنا» بضم السين، وخفف السين الحسن وابن أبي إسحاق وأبو عمرو، وقال أبو علي أَسْرَعُ من سرع ولا يكون من أسرع يسرع، قال ولو كان من أسرع لكان شاذا.
قال القاضي أبو محمد: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في نار جهنم «لهي أسود من القار» وما حفظ للنبي صلى الله عليه وسلم فليس بشاذ. وقرأ الحسن والأعرج ونافع وقتادة ومجاهد «تمكرون» بتاء على المخاطبة وهي قراءة أهل مكة وشبل وأبي عمرو وعيسى وطلحة وعاصم والأعمش والجحدري وأيوب بن المتوكل، ورويت أيضر عن نافع والأعرج، قال أبو حاتم: قال أيوب بن المتوكل: في مصحف أبيّ «يا أيها الناس إن الله أسرع مكرا وإن رسله لديكم يكتبون ما تمكرون» .
قوله عز وجل:
سورة يونس (١٠) : آية ٢٢
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢)
هذه الآية تتضمن تعديد النعمة فيما هي الحال بسبيله من ركوب البحر، وركوبه وقت حسن الظن به للجهاد والحج متفق على جوازه، وكذلك لضرورة المعاش بالصيد فيه أو لتصرف التجر، وأما ركوبه لطلب الغنى والاستكثار فمكروه عند الأكثر، وغاية مبيحة أن يقول وتركه أحسن، وأما ركوبه في ارتجاجه فمكروه ممنوع وفي الحديث: «من ركب البحر في ارتجاجه فقد برئت منه الذمة» . وقال النبي صلى الله عليه وسلم «البحر لا أركبه أبدا» . وقرأ جمهور القراء من السبعة وغيرهم «يسيركم» قال أبو علي وهو تضعيف مبالغة لا تضعيف تعدية، لأن العرب تقول: سرت الرجل وسيّرته ومنه قول الهذلي: الطويل
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها ... وأول راض سنة من يسيرها
قال القاضي أبو محمد: وعلى هذا البيت اعتراض حتى لا يكون شاهدا في هذا. وهو أن يجعل الضمير كالظرف كما تقول سرت الطريق وهذه قراءة الجمهور من سير، وكذلك هي في مصحف ابن مسعود، وفي مصحف أبي شيخ وقال عوف بن أبي جميلة قد: كان يقرأ «ينشركم» فغيرها الحجاج بن