«ثم» على الظرف، وقرأ ابن أبي ليلى «ثمة» بفتح الثاء وهاء السكت، وقرأ نافع وابن كثير وجمهور من الناس «ننجّي» بفتح النون الثانية وشد الجيم، وقرأ يحيى والأعمش «ننجي» بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم، وقرأت فرقة «نجّي» بنون واحدة مضمومة وجيم مشددة، وقرأ علي بن أبي طالب «ثم» بفتح الثاء «ننجي» بالحاء غير منقوطة. والَّذِينَ اتَّقَوْا معناه اتقوا الكفر، وقال بعض العلماء لا يضيع أحد بين الإيمان والشفاعة. وَنَذَرُ دالة على أنهم كانوا فيها، والظلم هنا هو ظلم الكفر، وقد تقدم القول في قوله جِثِيًّا، وقرأ ابن عباس «الذين اتقوا منها ونترك الظالمين» .
قوله عز وجل:
سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٥
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥)
قرأ الأعرج وابن محيصن وأبو حيوة «يتلى» بالياء من تحت، وسبب هذه الآية أن كفار قريش لما كان الرجل منهم يكلم المؤمن في معنى الدين فيقرأ المؤمن عليه القرآن ويبهره بآيات النبي عليه السلام، كان الكافر منهم يقول إن الله إنما يحسن لأحب الخلق إليه وإنما ينعم على أهل الحق ونحن قد أنعم الله علينا دونكم فنحن أغنياء وأنتم فقراء ونحن أحسن مجلسا وأجمل شارة فهذا المعنى ونحوه هو المقصود بالتوقيف في قوله أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ، وقرأ نافع وابن عامر «مقاما» بفتح الميم ولا مُقامَ لَكُمْ الأحزاب: ١٣ بالفتح أيضا، وهو المصدر من قام أو الظرف منه أي موضع القيام، وهذا يقتضي لفظ المقام إلا أن المعنى في هذه الآية يحرز أنه واقع على الظرف فقط، وقرأ أبيّ فِي مَقامٍ أَمِينٍ الدخان: ٥١ بضم الميم، وقرأ ابن كثير «مقاما» بضم الميم وهو ظرف من أقام وكذلك أيضا يجيء المصدر منه مثل مَجْراها وَمُرْساها هود: ٤١ وقرأ فِي مَقامٍ أَمِينٍ الدخان: ٥١ «ولا مقام لكم» الأحزاب: ١٣ بالفتح، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم جميعهن بالفتح، وروى حفص عن عاصم «لا مقام لكم» بالضم. و «الندي» والنادي المجلس فيه الجماعة ومنه قول حاتم الطائي:
فدعيت في أولى الندي ... ولم ينظر إليّ بأعين خزر
وقوله وَكَمْ مخاطبة من الله تعالى لمحمد خبر يتضمن كسر حجتهم واحتقار أمرهم لأن التقدير:
هذا الذي افتخروا به لا قدر له عند الله وليس بمنج لهم فكم أهلك الله من الأمم لما كفروا وهم أشد من هؤلاء وأكثر أموالا وأجمل منظرا. و «القرن» الأمة يجمعها العصر الواحد، واختلف الناس في قدر المدة التي إذا اجتمعت لأمة سميت تلك الأمة قرنا، فقيل مائة سنة، وقيل ثمانون، وقيل سبعون، وقد تقدم القول في هذا غير مرة، و «الأثاث» المال العين والعرض والحيوان وهو اسم عام واختلف هل هو جمع أو إفراد.
فقال الفراء: هو اسم جمع لا واحد له من لفظه كالمتاع، وقال خلف الأحمر: هو جمع واحده أثاثة كحمامة وحمام ومنه قول الشاعر: الوافر