بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الفرقان
هذه السورة مكية في قول الجمهور وقال الضحاك هي مدنية وفيها آيات مكية قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ الفرقان: ٦٨ الآيات.
قوله عز وجل:
سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ١ الى ٣
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً (٣)
تَبارَكَ وزنه تفاعل وهو مطاوع بارك من البركة، وبارك فاعل من واحد معناه زاد، وتَبارَكَ فعل مختص بالله تعالى لم يستعمل في غيره، ولذلك لم يصرف منه مستقبل ولا اسم فاعل، وهو صفة فعل أي كثرت بركاته ومن جملتها إنزال كتابه الذي هو الْفُرْقانَ بين الحق والباطل، وصدر هذه السورة إنما هو رد على مقالات كانت لقريش، فمن جملتها قولهم إن القرآن افتراه محمد صلى الله عليه وسلم وإنه ليس من عند الله فهو ردّ على هذه المقالة، وقرأ الجمهور «على عبده» ، وقرأ عبد الله بن الزبير «على عباده» .
والضمير في قوله لِيَكُونَ يحتمل أن يكون وهو عبده المذكور وهذا تأويل ابن زيد، ويحتمل أن يكون ل الْفُرْقانَ، وأما على قراءة ابن الزبير فهو ل الْفُرْقانَ لا يحتمل غير ذلك إلا بكره، وقوله لِلْعالَمِينَ عام في كل إنسي وجني عاصره أو جاء بعده وهو متأيد من غير ما موضع من الحديث المتواتر وظاهر الآيات، و «النذير» المحذر من الشر والرسول من عند الله نذير، وقد يكون نَذِيراً ليس برسول كما روي في ذي القرنين وكما ورد في رسل الله إلى الجن فإنهم نذر وليسوا برسل الله.
وقوله الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ الآية هي من الرد على قريش في قولهم إن لله شريكا، وفي قولهم اتخذ البنات، وفي قولهم في التلبية إلا شريك هو لك، وقوله خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، هو عام في كل مخلوق وتقدير الأشياء هو حدها بالأمكنة والأزمان والمقادير والمصلحة والإتقان، ثم عقب تعالى ذكر هذه الصفات التي هي للألوهية بالطعن على قريش في اتخاذهم آلهة ليست لهم هذه الصفات، فالعقل يعطي أنهم ليسوا بآلهة وقوله، وَهُمْ يُخْلَقُونَ، يحتمل أن يريد يخلقهم الله بالاختراع والإيجاد، ويحتمل أن يريد يخلقهم