الحديث يؤيد قراءة من قرأ «من المصّدّقين» بتشديد الصاد، و «مدينون» معناه مجازون محاسبون قاله ابن عباس وقتادة والسدي، والدين الجزاء وقد تقدم.
قوله تعالى:
سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٥٤ الى ٦١
قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨)
إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)
في الكلام حذف تقديره فقال لهذا الرجل حاضرون من الملائكة إن قرينك هذا في جهنم يعذب فقال عند ذلك هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ، ويحتمل أن يخاطب ب أَنْتُمْ الملائكة، ويحتمل أن يخاطب رفقاءه في الجنة، ويحتمل أن يخاطب خدمته وكل هذا، حكى المهدوي وقرأ جمهور القراء «مطّلعون» بفتح الطاء وشدها، وقرأ أبو عمرو في رواية حسين «مطلعون» بسكون الطاء وفتح النون، وقرأ أبو البرهسم بسكون الطاء وكسر النون علي أنها ضمير المتكلم ورد هذه القراءة أبو حاتم وغيره ولحنوها، وذلك أنها جمعت بين ياء الإضافة ونون المتكلم، والوجه أن يقال «مطلعي» ، ووجه القراءة أبو الفتح بن جني وقال:
أنزل الفاعل منزل الفعل المضارع، وأنشد الطبري: الوافر
وما أدري وظن كل ظن ... أمسلمني إلى قومي شراحي
وقال الفراء: يريد شراحيل، وقرأ الجمهور «فاطّلع» بصلة الألف وشد الطاء المفتوحة، وقرأ أبو عمرو في رواية حسين «فاطلع» بضم الألف وسكون الطاء وكسر اللام، وهي قراءة أبي البرهسم، قال الزجاج هي قراءة من قرأ «مطلعون» بكسر اللام، وروي أن لأهل الجنة كوى وطاقات يشرفون منها على أهل النار إذا شاؤوا على جهة النقمة والعبرة لأنهم لهم في عذاب أهل النار وتوبيخهم سرور وراحة، حكاه الرماني عن أبي علي، وسَواءِ الْجَحِيمِ وسطه قال ابن عباس والحسن: والناس، وسمي سَواءِ لاستواء المسافة منه إلى الجوانب، والْجَحِيمِ متراكم جمر النار، وروي عن مطرف بن عبد الله وخليد العصري أنه رآه قد تغير خبره وسيره أي تبدلت حاله ولولا ما عرفه الله إياه لم يميزه، فقال له المؤمن عند ذلك تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ أي لتهلكني بإغوائك، والردى الهلاك ومنه قول الأعشى: المتقارب .
أفي الطوف خفت علي الردى ... وكم من رد أهله لم يرم
وفي مصحف عبد الله بن مسعود «إن كدت لتغوين» بالواو من الغي، وذكرها أبو عمرو الداني بالراء من الإغراء والتاء في هذا كله مضمومة، ورفع نِعْمَةُ رَبِّي بالابتداء وهو إعراب ما كان بعد لَوْلا عند سيبويه والخبر محذوف تقديره تداركته ونحوه، والْمُحْضَرِينَ معناه في العذاب، وقول المؤمن أَفَما نَحْنُ إلى قوله بِمُعَذَّبِينَ يحتمل أن يكون مخاطبة لرفقائه في الجنة لما رأى ما نزل بقرينه، ونظر إلى حاله في الجنة وحال رفقائه قدر النعمة قدرها فقال لهم على جهة التوقيف على النعمة أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ