ابن عامر وابن محيصن وعكرمة والحسن والأعرج «وإن الياس» بغير همز بصلة الألف، وذلك يتجه على أحد وجهين: إما أن يكون حذف الهمزة كما حذفها ابن كثير من قوله تعالى إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ المدثر:
٣٥ أراد «لإحدى» فنزل المنفصل منزلة المتصل، كما قد ينزل في كثير من الأمور، والآخر أن يجعلها الألف التي تصحب اللام للتعريف كاليسع، وفي مصحف أبي بن كعب «وإن إيليس» بألف مكسورة الهمزة وياء ساكنة قبل اللام المكسورة وياء ساكنة بعدها وسين مفتوحة، وكذلك في قوله «سلام على إيليس» ، وقرأ نافع وابن عامر على «آل ياسين» وقرأ الباقون «سلام على إلياسين» بألف مكسورة ولام ساكنة، قرأ الحسن وأبو رجاء «على الياسين» موصولة فوجه الأولى أنها فيما يزعمون مفصولة في المصحف فدل ذلك على أنها بمعنى أهل و «ياسين» اسم أيضا ل إِلْياسَ وقيل هو اسم لمحمد صلى الله عليه وسلم ووجه الثانية أنه جمع إلياسي كما قالوا أعجمي أعجميون، قال أبو علي: والتقدير إلياسين فحذف كما حذف من أعجميين، ونحوه من الأشعريين والنمريين والمهلبين، وحكى أبو عمرو أن مناديا نادى يوم الكلاب، هلك اليزيديون، ويروى قول الشاعر: «قدني من نصر الخبيبين قدي» بكسر الباء الثانية نسبة إلى أبي خبيب، ويقال سمي كل واحد من آل ياسين إلياس كما قالوا شابت مفارقة فسمي كل جزء من المفرق مفرقا، ومنه قولهم «جمل ذو عثانين» ، وعلى هذا أنشد ابن جني: الرجز
مرت بنا أول من أموس ... تميس فينا مشية العروس
فسمى كل جزء من الأمس أمس ثم جمع، وقال أبو عبيدة لم يسلم على آل أحد من الأنبياء المذكورين قبل فلذلك ترجح قراءة من قرأ «إلياسين» إذ هو اسم واحد له، وقرأ ابن مسعود والأعمش «وإن إدريس لمن المرسلين» و «سلام على إدريس» وروى هذه القراءة قطرب وغيره وإن إدراسين وإدراس لغة في إدريس كإبراهيم وإبراهام، وقوله أَتَدْعُونَ معناه أتعبدون، والبعل الرب بلغة اليمن قاله عكرمة وقتادة، وسمع ابن عباس رجلا ينشد ضالة فقال له رجل آخر: أنا بعلها، فقال ابن عباس الله أكبر أتدعون بعلا، وقال الضحاك وابن زيد والحسن بَعْلًا اسم صنم كان لهم وله يقال بعلبك وإليه نسب الناس، وذكر ابن إسحاق عن فرقة أن بَعْلًا اسم امرأة كانت أتتهم بضلالة، وقوله أَحْسَنَ الْخالِقِينَ من حيث قيل للإنسان على التجوز إنه يخلق وجب أن يكون تعالى أَحْسَنَ الْخالِقِينَ إذ خلقه اختراع وإيجاد من عدم وخلق الإنسان مجاز كما قال الشاعر: الكامل أقذ .
ولأنت تفري ما خلقت ... وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
قوله عز وجل:
سورة الصافات (٣٧) : الآيات ١٢٦ الى ١٣٨
اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠)
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥)
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)