مصدران منصوبان بفعلين مضمرين. وقرأ جمهور الناس: «فداء» . وقرأ شبل عن ابن كثير: «فدى» مقصورا.
وإمام المسلمين مخير في أسراه في خمسة أوجه: القتل، أو الاسترقاق، أو ضرب الجزية، أو الفداء، أو المن. ويترجح النظر في أسير أسر بحسب حاله من إذاية المسلمين أو ضد ذلك.
وقوله تعالى: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها معناه: حتى تذهب وتزول أثقالها. والأوزار: الأثقال فيها والآلات لها، ومنه قول الشاعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي: المتقارب
وأعددت للحرب أوزارها ... رماحا طوالا وخيلا ذكورا
وقال الثعلبي: وقيل الأوزار في هذه الآية: الآثام، جمع وزر، لأن الحرب لا بد أن يكون فيها آثام في أحد الجانبين.
واختلف المتأولون في الغاية التي عندها تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها، فقال قتادة: حتى يسلم الجميع فتضع الحرب أوزارها. وقال حذاق أهل النظر: حتى تغلبوهم وتقتلوهم.
وقال مجاهد حتى ينزل عيسى ابن مريم.
قال القاضي أبو محمد: وظاهر الآية أنها استعارة يراد لها التزام الأمر أبدا، وذلك أن الحرب بين المؤمنين والكافرين لا تضع أوزارها، فجاء هذا كما تقول: أنا أفعل كذا إلى يوم القيامة، فإنما تريد: إنك تفعله دائما.
وقوله تعالى: ذلِكَ تقديره: الأمر ذلك. ثم قال: وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ أي بعذاب من عنده يهلكهم به في حين واحد، ولكنه تعالى أراد اختبار المؤمنين وأن يبلو بعض الناس ببعض.
وقرأ جمهور الناس: «قاتلوا» وقرأ عاصم الجحدري بخلاف عنه: «قتلوا» بفتح القاف والتاء. وقرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم والأعرج وقتادة والأعمش: «قتلوا» بضم القاف وكسر التاء. وقرأ زيد بن ثابت والحسن والجحدري وأبو رجاء: «قتّلوا» بضم القاف وكسر التاء وشدها، والقراءة الأولى أعمها وأوضحها معنى. وقال قتادة: نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم أحد من المؤمنين.
وقوله تعالى: سَيَهْدِيهِمْ أي إلى طريق الجنة، وقد تقدم القول في إصلاح البال. وروى عباس بن المفضل عن أبي عمرو: «ويدخلهم» بسكون اللام. وفي سورة التغابن يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ التغابن: ٩ وفي سورة الإنسان إِنَّما نُطْعِمُكُمْ الإنسان: ٩ بسكون العين والميم.
وقوله تعالى: عَرَّفَها لَهُمْ قال أبو سعيد الخدري وقتادة ومجاهد معناه: بينها لهم، أي جعلهم يعرفون منازلهم منها، وفي نحو هذا المعنى هو قول النبي عليه السلام: لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا. وقالت فرقة معناه: سماها لهم ورسمها، كل منزل باسم صاحبه، فهذا نحو من التعريف.
وقالت فرقة معناه: شرفها لهم ورفعها وعلاها، وهذا من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها، ومنه أعراف