الثلة: الجماعة والفرقة، وهو يقع للقليل والكثير، واللفظ في هذا الموضوع يعطي أن الجملة مِنَ الْأَوَّلِينَ أكثر من الجملة مِنَ الْآخِرِينَ، وهي التي عبر عنها بالقليل.
واختلف المتأولون في معنى ذلك، فقال قوم حكى قولهم مكي: المراد بذلك الأنبياء، لأنهم كانوا في صدر الدنيا أكثر عددا، وقال الحسن بن أبي الحسن وغيره: المراد السابقون من الأمم والسابقون من الأمة، وذلك إما أن يقترن أصحاب الأنبياء بجموعهم إلى أصحاب محمد، فأولئك أكثر لا محالة، وإما أن يقترن أصحاب الأنبياء ومن سبق في أثناء الأمم إلى السابقين من جميع هذه الأمة فأولئك أكثر. وروي أن الصحابة حزنوا لقلة سابق هذه الأمة على هذا التأويل فنزلت: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ الواقعة: ٣٩- ٤٠ فرضوا. وروي عن عائشة أنها تأولت أن الفرقتين في أمة كل نبي وهي في الصدر ثُلَّةٌ وفي آخر الأمة قَلِيلٌ. وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه: «الفرقتان في أمتي فسابق أول الأمة ثُلَّةٌ وسابق سائرها إلى يوم القيامة قَلِيلٌ» .
وقرأ الجمهور: «سرر» بضم الراء. وقرأ أبو السمال: «سرر» بفتح الراء.
والموضونة: المنسوجة بتركيب بعض أجزائها على بعض كحلف الدرع، فإن الدرع موضونة، ومنه قول الأعشى: المتقارب
ومن نسج داود موضونة ... تسير مع الحي عيرا فعيرا
وكذلك سفيفة الخوص ونحوه مَوْضُونَةٍ، ومنه وضين الناقة وهو حزامها، لأنه موضون، فهو كقتيل وجريح، ومنه قول الشاعر: الرجز
إليك تعدو قلقا وضينها ... معترضا في بطنها جنينها
مخالفا دين النصارى دينها قال ابن عباس: هذه السرر الموضونة هي المرمولة بالذهب، وقال عكرمة: هي مشبكة بالدر والياقوت. و: مُتَّكِئِينَ و: مُتَقابِلِينَ حالان فيهما ضمير مرفوع، وفي مصحف عبد الله بن مسعود:
«متكئين عليها ناعمين» . والولدان: صغار الخدم، عبارة عن أنهم صغار الأسنان، ووصفهم بالخلد وإن كان جميع ما في الجنة كذلك إشارة إلى أنهم في حال الولدان مُخَلَّدُونَ لا تكبر بهم سن. وقال مجاهد: لا يموتون. قال الفراء: مُخَلَّدُونَ معناه مقرطون بالخلدات، وهي ضرب من الأقراط، والأول أصوب، لأن العرب تقول للذي كبر ولم يشب: إنه لمخلد. والأكواب: ما كان من أواني الشرب لا أذن له ولا خرطوم، قال ابن عباس: هي جرار من فضة. وقال أبو صالح: مستديرة أفواهها. وقال قتادة والضحاك: