وقرأ بعض السبعة: «ينزّل» مثقلة. وقرأ بعضهم: «ينزل» مخففة. وقرأ الحسن وعيسى بالوجهين.
وقرأ الأعمش: «أنزل» . والعبد في قوله: عَلى عَبْدِهِ محمد رسوله. والآيات: آيات القرآن.
والظُّلُماتِ: الكفر والنُّورِ: الإيمان، وباقي الآية وعد وتأنيس مؤكد.
قوله عز وجل:
سورة الحديد (٥٧) : الآيات ١٠ الى ١١
وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)
والمعنى: وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وأنتم تموتون وتتركون أموالكم، فناب مناب هذا القول قوله: وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وفيه زيادة تذكير بالله وعبرة، وعنه يلزم القول الذي قدرناه.
وقوله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ الآية، روي أنها نزلت بسبب أن جماعة من الصحابة أنفقت نفقات كثيرة حتى قال ناس: هؤلاء أعظم أجرا من كل من أنفق قديما، فنزلت الآية مبينة أن النفقة قبل الفتح أعظم أجرا.
وهذا التأويل على أن الآية نزلت بعد الفتح، وقد قيل إنها نزلت قبل الفتح تحريضا على الإنفاق، والأول أشهر وحكى الثعلبي أنها نزلت في أبي بكر الصديق ونفقاته، وفي معناه قول النبي عليه السلام لخالد بن الوليد: «اتركوا لي أصحابي، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» .
واختلف الناس في الْفَتْحِ المشار إليه في هذه الآية. فقال أبو سعيد الخدري والشعبي: هو فتح الحديبية. وقد تقدم في سورة «الفتح» تقرير كونه فتحا، ورفعه أبو سعيد الخدري إلى النبي عليه السلام أن أفضل ما بين الهجرتين فتح الحديبية. وقال قتادة ومجاهد وزيد بن أسلم: هو فتح مكة الذي أزال الهجرة.
قال القاضي أبو محمد: وهذا هو المشهور الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية. وقال له رجل بعد فتح مكة: أبايعك على الهجرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الهجرة قد ذهبت بما فيها» . وإن الهجرة شأنها شديد، ولكن أبايعك على الجهاد وحكم الآية باق غابر الدهر من أنفق في وقت حاجة السبيل أعظم أجرا ممن أنفق مع استغناء السبيل.
وأكثر المفسرين على أن قوله: يَسْتَوِي مسند إلى مَنْ، وترك ذكر المعادل الذي لا يستوي معه، لأن قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ قد فسره وبينه. ويحتمل أن يكون فاعل يَسْتَوِي محذوفا تقديره: لا يستوي منكم الإنفاق، ويؤيد ذلك أن ذكره قد تقدم في قوله: وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا ويكون قوله: مَنْ ابتداء وخبره الجملة الآتية بعد.
وقرأ جمهور السبعة: «وكلا وعد الله الحسنى» وهي الوجه، لأن وعد الله ليس يعوقه عائق على أن ينصب المفعول المقدم. وقرأ ابن عامر: «وكل وعد الله الحسنى» ، فأما سيبويه رحمه الله فقدر الفعل خبر