بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الإنسان
قال بعض المفسرين هي مكية كلها، وحكى النقاش والثعلبي عن مجاهد وقتادة أنها مدنية، وقال الحسن وعكرمة: منها آية مكية وهي قوله تعالى: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً الإنسان: ٢٤ ، والباقي مدني، وأنها نزلت في صنيع علي بن أبي طالب في إطعامه عشاءه وعشاء أهله وولده لمسكين ليلة، ثم ليتيم ليلة، ثم لأسير ليلة متواليات، وقيل نزلت في صنيع ابن الدحداح والله أعلم.
قوله عز وجل:
سورة الإنسان (٧٦) : الآيات ١ الى ٦
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤)
إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦)
هَلْ في كلام العرب قد يجيء بمعنى «قد» . حكاه سيبويه. لكنها لا تخلو من تقرير وبابها المشهور الاستفهام المحض والتقرير أحيانا. فقال ابن عباس وقتادة هي هنا بمعنى «قد» ، والْإِنْسانِ يراد به آدم عليه السلام، و «الحين» : هي المدة التي بقي طينا قبل أن ينفخ فيه الروح أي أنه شيء ولم يكن مذكورا منوها به في العالم وفي حالة العدم المحض قبل لَمْ يَكُنْ شَيْئاً ولا مَذْكُوراً، وقال أكثر المتأولين: هَلْ تقرير، و «الإنسان» اسم الجنس، أي إذا تأمل كل إنسان نفسه علم بأنه قد مر حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ عظيم لَمْ يَكُنْ هو فيه شَيْئاً مَذْكُوراً، أي لم يكن موجودا، وقد يسمى الموجود شَيْئاً فهو مذكور بهذا الوجه، و «الحين» هنا: المدة من الزمن غير محدودة تقع للقليل والكثير، وإنما تحتاج إلى تحديد الحين في الأيمان، فمن حلف أن لا يكلم أخاه حينا، فذهب بعض الفقهاء إلى أن الحين سنة، وقال بعضهم: ستة أشهر، والقوي في هذا أن «الإنسان» اسم جنس وأن الآية جعلت عبرة لكل أحد من الناس ليعلم أن الصانع له قادر على إعادته.
وقوله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ هو هنا اسم الجنس بلا خلاف. لأن آدم لم يخلق مِنْ نُطْفَةٍ، وأَمْشاجٍ معناه أخلاط واحدها مشج بفتح الميم والشين قاله ابن السكيت وغيره، وقيل: مشج مثل عدل