بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة قريش
وهي مكية بلا خلاف.
قوله عز وجل:
سورة قريش (١٠٦) : الآيات ١ الى ٤
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ على إفعال والهمزة الثانية ياء، وقرأ ابن عامر «لألآف» على فعال إِيلافِهِمْ على أفعال بياء في الثانية، وقرأ أبو بكر عن عاصم: بهمزتين فيهما الثانية ساكنة، قال أبو علي: وتحقيق عاصم هاتين الهمزتين لا وجه له، وقرأ أبو جعفر: «إلفهم» بلام ساكنة، وقُرَيْشٍ ولد النضر بن كنانة، والتقرش: التكسب، وتقول ألف الرجل الأمر وآلفه غيره، فالله عز وجل آلف قريشا أي جعلهم يألفون رحلتين في العام، رحلة في الشتاء وأخرى في الصيف. ويقال أيضا ألف بمعنى آلف، وأنشد أبو زيد: الطويل
من المؤلفات الرمل أدماء حرة ... شعاع الضحى في جيدها يتوضح
فألف وإلاف مصدر ألف، و «إيلاف» مصدر آلف، قال بعض الناس: كانت الرحلتان إلى الشام في التجارة، وقيل الأرباح، ومنه قول الشاعر: الكامل
سفرين بينهما له ولغيره ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وقال ابن عباس: كانت رِحْلَةَ الشِّتاءِ إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى بصرى من أرض الشام. قال أبو صالح: كانتا جميعا إلى الشام، وقال ابن عباس أيضا: كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم، فهاتان رحلتا الشتاء والصيف، قال الخليل بن أحمد فمعنى الآية: لأن فعل الله بقريش هذا ومكنهم من الفهم هذه النعمةلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ.
قال القاضي أبو محمد: وذكر البيت هنا متمكن لتقدم حمد الله في السورة التي قبل، وقال الأخفش، وغيره: لِإِيلافِ، متعلقة بقوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ الفيل: ٥ ، أي ليفعل بقريش هذه