نصب، قال: وقد يجوز أن يكون «بهت» بفتحهما لغة في بهت. قال: وحكى أبو الحسن الأخفش قراءة «فبهت» بكسر الهاء كخرق ودهش، قال: والأكثر بالضم في الهاء، قال ابن جني: يعني أن الضم يكون للمبالغة، قال الفقيه أبو محمد: وقد تأول قوم في قراءة من قرأ فَبُهِتَ بفتحهما أنه بمعنى سب وقذف، وأن نمرود هو الذي سب إبراهيم حين انقطع ولم تكن له حيلة، وقوله تعالى: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، إخبار لمحمد عليه السلام وأمته.
والمعنى: لا يرشدهم في حججهم على ظلمهم، لأنه لا هدى في الظلم، فظاهره العموم، ومعناه الخصوص، كما ذكرنا، لأن الله قد يهدي الظالمين بالتوبة والرجوع إلى الإيمان. ويحتمل أن يكون الخصوص فيمن يوافي ظالما.
قوله عز وجل:
سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٩
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)
عطفت أَوْ في هذه الآية على المعنى، لأن مقصد التعجيب في قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ الآية: ٢٥٨ يقتضي أن المعنى أرأيت كالذي حاج، ثم جاء قوله أَوْ كَالَّذِي، عطفا على ذلك المعنى، وقرأ أبو سفيان بن حسين «أو كالذي مر» بفتح الواو، وهي واو عطف دخل عليها ألف التقرير، قال سليمان بن بريدة وناجية بن كعب وقتادة وابن عباس والربيع وعكرمة والضحاك: الذي مر على القرية هو عزير، وقال وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد بن عمير وبكر بن مضر: هو أرمياء، وقال ابن إسحاق:
أرمياء هو الخضر وحكاه النقاش عن وهب بن منبه، قال الفقيه أبو محمد: وهذا كما تراه، إلا أن يكون اسما وافق اسما لأن الخضر معاصر لموسى، وهذا الذي مر على القرية هو بعده بزمان من سبط هارون فيما روى وهب بن منبه، وحكى مكي عن مجاهد أنه رجل من بني إسرائيل غير مسمى، قال النقاش: ويقال هو غلام لوط عليه السلام. قال أبو محمد: واختلف في القرية أيما هي؟ فحكى النقاش أن قوما قالوا هي المؤتفكة. وقال ابن زيد: إن القوم الذين خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فقال لهم الله:
مُوتُوا البقرة: ٢٤٣ مرّ عليهم رجل وهم عظام تلوح، فوقف ينظر فقال: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ، وترجم الطبري على هذا القصص بأنه قول بأن القرية التي مرّ عليها هي التي أهلك الله فيها الذين خرجوا من ديارهم.
قال القاضي أبو محمد: وقول ابن زيد لا يلائم الترجمة، لأن الإشارة بهذه على مقتضى الترجمة هي إلى المكان، وعلى نفس القول هي إلى العظام والأجساد. وهذا القول من ابن زيد مناقض لألفاظ الآية، إذ الآية إنما تضمنت قرية خاوية لا أنيس فيها. والإشارة بهذه إنما هي إلى القرية، وإحياؤها إنما هو بالعمارة ووجود البناء والسكان. وقال وهب بن منبه وقتادة والضحاك وعكرمة والربيع: القرية بيت المقدس لما خربها بخت نصر البابلي في الحديث الطويل. حين أحدثت بنو إسرائيل الأحداث وقف أرمياء أو عزير على القرية وهي كالتل العظيم وسط بيت المقدس لأن بخت نصر أمر جنده بنقل التراب إليه حتى جعله