الرجل إذا بادر أمره من لدن طلوع الشمس، وتتمادى البكرة شيئا بعد طلوع الشمس يقال أبكر الرجل وبكر فمن الأول قول ابن أبي ربيعة: الطويل أمن آل نعمى أنت غاد فمبكر ومن الثاني قول جرير: الطويل
ألا بكرت سلمى فجدّ بكورها ... وشقّ العصا بعد اجتماع أميرها
وقال مجاهد في تفسير الْإِبْكارِ: أول الفجر، والعشي ميل الشمس حتى تغيب.
قوله تعالى:
سورة آل عمران (٣) : الآيات ٤٢ الى ٤٣
وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢) يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)
قال الطبري: العامل في إِذْ قوله سَمِيعٌ فهو عطف على قوله: إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ آل عمران: ٣٥ ، وقال كثير من النحاة: العامل في إِذْ في هذه الآية فعل مضمر تقديره «واذكر» وهذا هو الراجح لأن هذه الآيات كلها إنما هي إخبارات بغيب تدل على نبوة محمد عليه السلام، مقصد ذكرها هو الأظهر في حفظ رونق الكلام، وقرأ عبد الله بن عمر وابن مسعود، «وإذ قال الملائكة» ، واختلف المفسرون هل المراد هنا بالملائكة جبريل وحده أو جمع من الملائكة؟ وقد تقدم القول على معنى مثلها في قوله تعالى: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ آل عمران: ٣٩ واصْطَفاكِ مأخوذ من صفا يصفو وزنه- افتعل- وبدلت التاء طاء التناسب الصاد، فالمعنى تخيرك لطاعته وقوله تعالى: وَطَهَّرَكِ معناه من كل ما يصم النساء في خلق أو خلق أو دين قاله مجاهد وغيره، وقال الزجّاج: قد جاء في التفسير أن معناه طهرك من الحيض والنفاس.
قال الفقيه أبو محمد: وهذا يحتاج إلى سند قوي وما أحفظه.
وقوله تعالى: وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ إن جعلنا الْعالَمِينَ عاما فيمن تقدم وتأخر جعلنا الاصطفاء مخصوصا في أمر عيسى عليه السلام وأنها اصطفيت لتلد من غير فحل، وإن جعلنا الاصطفاء عاما جعلنا قوله تعالى: الْعالَمِينَ مخصوصا في عالم ذلك الزمان، قاله ابن جريج وغيره، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خير نساء الجنة مريم بنت عمران، وخير نساء الجنة، خديجة بنت خويلد» وروي عنه أنه قال: «خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد» فذهب الطبري وغيره إلى أن الضمير في قوله- نسائها- يراد به الجنة، وذهب قوم إلى أنه يراد به الدنيا، أي كل امرأة في زمانها، وقال النبي عليه السلام، «خير نساء ركبن الإبل، صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه إلى زوج في ذات يده» ، وقال أبو هريرة راوي الحديث: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط، وهذه الزيادة فيها غيب، فلا يتأول أن أبا هريرة رضي الله عنه، قالها إلا عن سماع من النبي صلى الله