عباس: إنهم الألوف، قال بعض المفسرين: هم عشرة آلاف فصاعدا، أخذ ذلك من بناء الجمع الكثير في قولهما: هم الألوف وهذا في الربيين أنهم الجماعات الكثيرة هو من الربة بكسر الراء وهي الجماعة الكثيرة، قاله يونس بن حبيب، وقال: إن قوله تعالى: قتل معه ربيون منسوبون إليها، قال قطرب:
جماعة العلماء على قول يونس، وقال الزجّاج: يقال: إن الربة عشرة آلاف، وروي عن ابن عباس وعن الحسن بن أبي الحسن وغيرهما أنهم قالوا: رِبِّيُّونَ معناه علماء، وقال الحسن: فقهاء علماء، قال أيضا:
علماء صبر، وهذا القول هو على النسبة إلى الرب، إما لأنهم مطيعون له، أو من حيث هم علماء بما شرع، ويقوي هذا القول في قراءة من قرأ «ربيون» بفتح الراء وأما في ضم الراء وكسرها فيجيء على تغيير النسب، كما قالوا في النسبة إلى الحرم: حرمي بكسر الحاء، وإلى البصرة، بصري بكسر الباء، وفي هذا نظر، وقال ابن زيد: «الربانيون» : الولاة، والربيون الرعية الأتباع للولاة.
قال الفقيه أبو محمد: كأن هذا من حيث هم مربوبون، وقال النقاش: اشتقاق ربي من ربا الشيء يربو إذا كثر، فسمي بذلك الكثير العلم.
قال الفقيه أبو محمد: وهذا ضعيف، وقال مكي: ربي بكسر الراء منسوب إلى الرب لكن كسرت راؤه اتباعا للكسرة والياء اللتين بعد الراء، وروي بضم الراء كذلك لكنهم ضموها كما قيل: دهري بضم الدال في النسب إلى الدهر، وقرأ جمهور الناس «فما وهنوا» بفتح الهاء، وقرأ الأعمش والحسن وأبو السمال «وهنوا» بكسر الهاء، وهما لغتان بمعنى، يقال: وهن بكسر الهاء يوهن ووهن بفتح الهاء يهن، وقرأ عكرمة وأبو السمال أيضا «وهنوا» بإسكان الهاء، وهذا الوهن في قوله آنفا وَلا تَهِنُوا آل عمران: ١٣٩ والضمير في قوله: فَما وَهَنُوا عائد على جميع الربيين في قول من أسند قتل إلى نبي، ومن أسنده إلى الربيين قال في هذا الضمير إنه يعود على من بقي منهم، إذ المعنى يفهم نفسه، وقوله تعالى: وَما ضَعُفُوا معناه لم يتكسبوا من العجز والإلقاء باليد ما ينبي عن ضعفهم، وقوله تعالى: وَمَا اسْتَكانُوا ذهبت طائفة من النحاة إلى أنه من السكون فوزنه افتعلوا استكنوا، فمطلت فتحة الكاف فحدث من مطلها ألف، وذهبت طائفة إلى أنه مأخوذ من كان يكون فوزنه على هذا الاشتقاق استفعلوا أصله استكونوا، نقلت حركة الواو إلى الكاف، وقلبت ألفا، كما فعلوا في قولك: استعانوا واستقاموا، والمعنى: أنهم لم يضعفوا ولا كانوا قريبا من ذلك، كما تقول: ما فعلت كذا ولا كدت، فتحذف لأن الكلام يدل على أن المراد، وما كدت أن أفعل، ومحبة الله تعالى للصابرين ما يظهر عليهم من نصره وتنعيمه.
قوله تعالى:
سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٤٧ الى ١٤٨
وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (١٤٧) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨)
هذه الآية في ذكر الربيين، أي هذا كان قولهم، لا ما قاله بعضكم يا أصحاب محمد، من قول من قال: نأخذ أمانا من أبي سفيان ومن قول من قال: نرجع إلى ديننا الأول، ومن قول من فر، فلا شك أن قوله