فإن الذبح إذا كان بغير الحديد احتاج صاحبه إلى خفة يده وسرعته في إمرار الآلة على المري والحلقوم والأوداج كلها والإتيان عليها قطعاً قبل هلاك الدبيحة بما ينالها من ألم الضغط قبل قطع مذابحها وفسر به في غريب الحديث.
وفيه دلالة على أن العظم كذلك لأنه لما علل بالسن قال لأنه عظم فكل عظم من العظام يجب أن يكون الذكاة به محرمة غير جائزة.
وقال أصحاب الرأي إذا كان العظم والسن بائنين من الأسنان فوقع بها الذكاة حل. وإن ذبحها بسنه أو ظفره وهما غير منزوعين من مكانهما من بدنه فهو محرم.
وقال مالك إن ذكى بالعظم فمر مراً أجزأه. وقال بعض أصحاب الشافعي إن العظم إذا كان من مأكول اللحم وقعت الذكاة، وكافة أصحابه على خلاف ذلك، وسواء عندهم كان الظفر والسن منفصلين من الإنسان أو لا.
قلت، وهذا خاص في المقدور على ذكاته فإن الذكاة في المقدور عليه ربما وقعت بألسن الكلب المعلم وبأسنان سائر الجوارح المعلمة وبأظفارها ومخالبها. وسرعان الناس هم الذين تقدموا في السير بين أيدي الأصحاب.
ويشبه أن يكون إكفاء القدور لأن الذي فيها لم يكن دارت عليه سهام القسمة بعد.
وقوله أوابد كأوابد الوحش فالأوابد هي التي قد توحشت ونفرت، يقال أبد الرجل وبوداً إذا توحش وتخلى، ويقال هذه أبدة من الأوابد إذا كانت نادرة في بابها لا نظير لها في حسنها.
وفيه بيان أن المقدور عليه من الدواب الانسية إذا توحش فامتنع صار حكمه