صلى الله عليه وسلم مع هذا في أمرهما بالإنذار وقلدهما الأمانة فيما بطن من أمرهما.
قال أبو داود: حدثنا عباد بن موسى الختلي حدثنا إبراهيم، يَعني ابن سعد أخبرني أبي عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مِرة سَوِي.
قلت معنى المرة القوة وأصلها من شدة فتل الحبل؛ يقال أمررت الحبل إذا أحكمت فتله فمعنى المرة في الحديث شدة أسر الخلق وصحة البدن التي يكون معها احتمال الكد والتعب.
وقد اختلف الناس في جواز أخذ الصدقة لمن يجد قوة يقدر بها على الكسب فقال الشافعي لا تحل له الصدقة، وكذلك قال إسحاق بن راهويه وأبو عبيد.
وقال أصحاب الرأي يجوز له أخذ الصدقة إذا لم يملك مائتي درهم فصاعداً.
ومن باب من يجوز له الصدقة ممن هو غني
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحل الصدقة لغني إلاّ لخمسة لغاز في سبيل الله أولعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني.
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، عَن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
قلت فيه بيان أن للغازي وإن كان غنيا أن يأخذ الصدقة ويستعين بها في غزوه وهو من سهم سبيل الله وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقال أصحاب الرأي لا يجوز أن يعطى الغازي من الصدقة