قلت هذا منه صلى الله عليه وسلم استحباب وليس بايجاب وذلك أن لأوقات الطاعات أذمة ترعى ولا تهمل فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرشدهم إلى ما فيه الفضل والحظ لئلا يغفلوه عند مصادفتهم وقته، وقد صار هذا أصلا في مذاهب العلماء في مواضع مخصوصة.
قال أصحاب الرأي إذا قدم المسافر في بعض نهار الصوم أمسك عن الأكل بقية يومه.
وقال الشافعي فيمن لا يجد ماء ولا ترابا أو كان محبوسا في حش أو مصلوبا على خشبة أنه يصلي على حسب ما يمكنه مراعاة لحرمة الوقت وعليه الإعادة إذا قدر على الطهارة والصلاة.
قلت وقد يحتج أصحاب الرأي بهذا الحديث في جواز تأخير نية صيام الفرض عن أول وقته إلاّ أن قوله صلى الله عليه وسلم واقضوه يفسد هذا الاستدلال.
ومن باب النية في الصيام
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن ابن شهابة عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له.
قلت معنى الإجماع أحكام النية والعزيمة، يقال أجمعت الرأي وأزمعت بمعنى واحد.
وفي بيان أن تأخرت نيته للصوم عن أول وقته فإن صومه فاسد.
وفيه دليل على أن تقديم نية الشهر كله في أول ليلة منه لا يجزئه عن الشهر