قد تعلَّقَ بهِ مِنَ النَّجَاسةِ اليَابِسَةِ، وأما إذا جَرَّتهُ على نَجَاسةٍ رَطْبَةٍ لم يُزِلْهَا إلا الغُسْلُ بالمَاءِ.
قالَ ابنُ القَاسِم: القَلَسُ شَيءٌ يَخْرُجُ مِنَ الحَلْقِ مِثلُ القَيءِ، رُبَّما كانَ مَاءً، ورُبَّما كانَ طَعَامًا، فمنْ أَصَابَهُ ذلكَ في صَلَاتهِ فإنْ كانَ مَاءً تَمَادَى فيها ولا شَيءَ عليهِ، وإنْ كانَ طَعَامًا يَسِيرًا تَمَادَى فيها ولا شَيءَ عليهِ، وإنْ كانَ كَثيرًا قَطَعَ صَلَاتَهُ وتَمَضْمَضَ بالمَاءِ وابتدأَ صَلَاتهِ.
* تَرْكُ ابنِ عُمَرَ حينَ غَسَّلَ ابنَ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ ٦٨، وتَرْكُه الوُضُوءَ والغُسْلَ دَلِيلٌ على أنْ لَا وُضُوءَ ولا غُسْلٌ على مَنْ غَسَّلَ مَيِّتَاً.
قالَ أبو مُحَمَّدٍ: أجمعَ أهلُ المَدِينةِ على أنَّ لا وُضُوءَ على مَنْ أَكَلَ طَعَامًا قد مسَّتُهُ النَّارُ، فسَأَلتُهُ عَنْ حَديثِ الأَغَرِّ عَنْ أبي هُرَيرةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "تَوضَّؤوا مما غَيَّرتُه النَّارُ" (١) فقالَ لي: هو حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، والعَمَلُ في هذا على فِعْلِ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ وعلي وغيرِهم مِنَ الصَّحَابةِ الذينَ كَانُوا لا يَتَوضَّئُونَ مما مَسَّتُه النَّارُ.
* قال أبو المُطَرِّف: روَى جَابِرُ بنُ عبدِ الله قالَ: "كانَ آخِرُ الأمْرَينِ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ الوُضُوءِ مما مَسَّتُه النَّارُ" (٢).
* وفي حَدِيثِ سُويدِ بنِ النُّعْمَانِ ٧٢، مِنَ الفِقْه: نَظَرُ إمامِ الجَيْشِ لأهلِ العَسْكَرِ عندَ قِلَّةِ الزَّادِ فتُجْمَعُ أَزْوِدَتُهم لكي يَقُوتَ منها مَنْ لا زَادَ معهُ، كما فعلَ النبيُّ - عليه السلام -.
وقالَ بعضُ الفُقَهاءِ: هذا الحديثُ يُوجِبُ إخْرَاجَ الطَّعَامِ مِنْ مَخَازِنِ المُحْتكِرينَ إذا قَلَّ في الأسْوَاقِ فَيَبِيعُونهُ مِنْ أهلِ الحَاجَةِ لعُسْرِ (٣) ذلك اليومِ (٤).
(١) رواه أبو داود (١٩٤)، وأحمد ٢/ ٤٥٨، وابن حبان (١١٤٨).
(٢) رواه أبو داود (١٩٢)، والنسائي ١/ ١٠٨، وابن حبان (١١٣٤)، والبيهقي ١/ ١٥٥.
(٣) في الأصل: بعسر، وما وضعته هو الذي يتوافق مع السياق.
(٤) ذكره ابن حجر في الفتح ١ (١/ ٣١٢) نقلا عن المهلب.