قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: وهذا هُو المَعْرُوفُ مِنْ طَرِيقِ عُرْوةَ عنْ عَائِشَةَ، وليسَ بثابِتٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوةَ عَنْ أَبي هُرَيْرةَ.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: معنى الإسْتِطَابةِ يعني: النَّظَافةَ والتَّمَسُّحَ بالأَحْجَارِ عندَ الحَدَثِ، ومنهُ يُقَالُ: رَجُل مُطِيْبٌ إذا اسْتَنْجَى عندَ الحَدَثِ.
* قولُ النبيِّ - عليه السلام - لأهلِ القُبُورِ: "السَّلامُ عليكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمنينَ" وذَكَرَ الحَدِيثَ ٨٢، فيه من الفِقه: إباحةُ زِيَارةِ القُبُورِ، والسَّلامُ على المَوْتى.
وقالَ بَعْضُهم: في هذا الحَدِيثِ دَلِيلٌ على أنَّ أَرْوَاحَ المَوْتَى على أَقْبيَةِ القُبُورِ، وأَنْكَرَ هذا القَوْلَ بعضُ شُيُوخِنا، وقالَ: ثَبَتَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: "إنما نَسَمَةُ المُؤْمِنِ مِنْ طَيْرٍ يُعْلَقُ في شَجَرةِ الجَنَّةِ حتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إلى جَسَدِه يومَ القِيَامةِ" (١).
وسُئِلَ يحيَي بنُ يحيَى عَنْ مُسْتَقَرِّ الأَرْوَاحِ أينَ هي؟ قالَ للسَّائِل: أينَ كانتْ قبلَ أنْ تَكْمُنَ في الأَجْسَادِ، وقالَ لَهُ: كانتْ في عِلْمِ اللهِ، قالَ له يحيَى: وكَذَلِكَ هي بعدَ خُرُوجِها مِنَ الأَجْسَادِ في عِلْمِ اللهِ.
* قالَ أبو المُطَرِّفِ: معنى قولهِ في هذا الحَدِيثِ: "إنا إنْ شاءَ اللهُ بكُم لاحِقُونَ" ٨٢، يعني: لا نُبَدِّلُ ما تَرَكْتُمونَا عليهِ، ونَمُوتُ على مَا مِتُّم عليهَ إنْ شاءَ اللهُ، والاسْتثنَاءُ مِنَ الأمرِ الوَاجِب مَعْرُوفٌ عندَ العَرَبِ، قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} الفتح: ٢٧، فأَوْجَبَ لَهُم دُخُولَهُ، لقوله: {لَتَدْخُلُنَّ} ثُمَّ اسْتَثْنَى في ذلكَ، فقال {إِنْ شَاءَ اللَّهُ}.
* وقولُه: "وَدِدْتُ أَنِّي قد رأَيْتُ إخْوَانَنا" ٨٢ تَمنَّى أنْ يَرَى أُمَّتَهُ في الجنَّةِ،
(١) رواه مالك (٨٢٠) عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب الأنصاري عن أبيه به، ورواه من طريقه: النسائي ٤/ ١٠٨، وابن ماجه (٤٢٧١)، وأحمد ٣/ ٤٥٥. والنَّسَمة -بفتح النون والسين- والمراد بها هنا الروح. وقوله: (يعلق في شجر الجنة) يروى بفتح اللام، وهو الأكثر، ويروى بضم اللام، والمعنى واحد، وهو الأكل والرعي، يريد: نأكل من ثمار الجنة وتسرح بين أشجارها، ينظر: التمهيد ١١/ ٥٨ - ٥٩.