الإبْهَامِينَ، أُصْبُعا مِنْ كُل يَدٍ، ثُمَّ يَغْمِسَها في المَاءِ ويَمْسَحُ بِهِما أُذُنَيْهِ دَاخِلِهما وخَارِجِهما (١).
قالَ مَالِكٌ: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأسِ، ويُسْتَأنَفُ لَهُما المَاءُ، يعنِي أنَّهُما مَمَسْوُحتَانِ في الوُضُوءِ غيرُ مَغْسُولَتَيْنِ، ولا يُمْسَحَانِ بالمَاءِ الذي مُسِحَ بهِ الرَّأسُ، ومَسْحُهُما سُنَّةٌ، ومَسَحُهُما رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -في وُضُوئهِ مِنْ غيرِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
قالَ أبو مُحَمَّدٍ: إنما أَدْخَلَ مَالِكٌ في المُوطَّأ عَنْ صَفِيَّةَ: (أنَّها كَانَتْ تَنْزِعُ خِمَارَهَا وتَمْسَحُ رَأْسَها كُلَّهُ) ٩٥، يَرُدُّ به قَوْلَ مَنْ نَسَبَ إلى ابنِ عُمَرَ أنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهُ في الوُضُوءِ، وكانتْ صَفِيَّةُ أَشَدَّ النَّاسِ اقْتِدَاءً بابنِ عُمَرَ، فلَو رَأَتْهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِه في وُضُوئهِ مَا نَزَعَتْ (٢) خِمَارَها عندَ مَسْحِ رَأْسِهَا.
* وقَوْلُه في الحَدِيثِ: (ونَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ) ٩٥، يعنِي: أنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلى شَعْرِ صَفِيَّةَ لِصِغَرِ سِنِّه.
وفي هذَا الحَدِيثِ مِنَ الفِقْه: إبَاحَةُ أَخْذِ العِلْمِ عَمَّن رآهُ في صِغَرِه إذا حَدَّث به في كِبَرِه.
قالَ ابنُ القَاسم: مَنْ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِه في وُضُوئِه وصَلَّى أَعَادَ وُضُوئَهُ وصَلَاتَهُ، لأنَّهُ نَقَصَ وُضُوئَهُ وصَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ كَامِلٍ.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: روَى ابنُ مَسْلَمةَ (٣): (مَنْ مَسَحَ ثُلُثَ رَأْسِه في وُضُوئِه وصَلَّى أنَّ صَلَاتهُ تَامَّةً) (٤)، وأنكرَ هذه الرِّوايةَ شُيُوخُنا.
قالَ أبو مُحَمَّدٍ: ومَن احْتَجَّ في إجَازَةِ هذا بأن البَاءَ قد دَخَلتْ في قولهِ:
(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ١/ ١٨.
(٢) جاء في الأصل: (تمونت نزع) ولم أجد لها معنى، وما وضعته هو الموافق للسياق.
(٣) هو محمد بن مسلمة بن محمد، أبو هشام المخزومي المدني نزيل دمشق، الإِمام الفقيه الثقة، توفي سنة (٢١٠)، ينظر: جمهرة تراجم الفقهاء المالكية ١٢٠٠٣.
(٤) نقل هذه الرواية ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات ٤٠١، والحطاب في مواهب الجليل ١/ ٢٥٥.