بابُ قَصْرِ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ
إلى آخِر بَاب الصَّلَاةِ على الدَّابّةِ (١)
* قَوْلُ الرَّجُل لإبنِ عُمَرَ: (إنا نَجِدُ صَلاَةَ الخَوْفِ وصَلاَةَ الحَضَرِ في القُرْآنِ، ولا نَجِدُ صَلاَةَ السَّفَرِ) , يعنِي: لا نَجدُ قَصْرَ الصَّلَاةِ في القُرْآنِ في غَيْرِ حَالةِ الخَوْفِ، فقالَ ابنُ عُمَرَ: (إنَّ الله بَعَثَ إلينَا مُحَمَّدًا ولا نَعْلَمُ شَيْئًا، فإنَّما نَفْعَلُ كمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ) يعنِي: تُقْصَرَ الصَّلاةُ في أَسْفَارِنَا فَنُصَلِّيها رَكْعَتَيْنِ كمَا (٢) كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أَسْفَارِه، إذ هُو المُبَيِّنُ عَنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ما أَمَرَهُ به.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: صَلاَةُ الخَوْفِ هي صَلاَةُ السَّفَرِ، ولكنْ مِنْ أَجْلِ الخَوْفِ قُسِمَتْ بينَ طَائِفتيْنِ بإمَامٍ وَاحِدٍ، فَصَلاةُ السَّفَرِ مَذْكُورَةٌ في القُرْآنِ كمَا أنَّ صَلاَةَ الحَضَرِ مَذكُورَةٌ فيه، وذَلِكَ قَوْلُهُ عزَّ وجَلَّ: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ} النساء: ١٠٣ يعنِي: إذا اسْتَقرَرَتُم في أَمْصَارِكُم {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (٣) يعنِي: صَلُّوهَا أَرْبعَاً.
قالَ أحمدُ بنُ خَالِدٍ: اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الذي سَأَلَ عبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ عَنْ هَذِه المَسْأَلةِ أُمَيَّةُ بنُ خَالِدِ بنِ أَسِيدٍ.
قالَ أبو المُطَرِّفِ: في جَوَابِ ابنِ عُمَرَ لِهَذا الرَّجُلِ مِنَ الفِقْهِ: الوُقُوفُ عندَ السُّنَنِ، وتَرْكُ الإعْتِرَاضِ على مَا ثَبَتَ مِنْهَا واسْتَفَاضَ بهِ العَمَلُ، وهذَا سَبيلُ أَهْلِ السَّلاَمَةِ، وأما مَنْ نَصَبَ دِينَهُ للجَدَلِ فإنَّهُ يُكْثِرُ التَّنَقُّلَ، ويُعْمِي قَلْبَهُ عَنِ الصَّوَابِ.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، واستدركته من الموطأ.
(٢) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق.
(٣) جاء في الأصل: (فأتموا الصلاة)، وهو خطأ ظاهر.