وأَمَّا المُنَافِقُ فَلَيْسَتْ لَهُ حُجَّةٌ يَحْتَجُّ بها إذ (١) لمْ يُصَدِّقْ بِشَيءٍ مِنْ ذَلِكَ في حَيَاتِهِ.
قالَ أَبوالمُطَرِّفِ: وَقَعَ في حَدِيثِ أَنسَي مِنْ غَيْرِ رِوَايةِ مَالِك: "وأَمَّا الكَافِرُ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: لا دَريتَ ولَا تَلَيْتَ" (٢) فَمَعْنَى (لا تَلَيْتَ) المُتَابَعَة في الكَلاَمِ، أَي تَابَعْتَ، أَو لا يَدْرِي مُحَمَّدا - صلى الله عليه وسلم -، ولَا بِمَا جَاءَ بهِ.
ثُمَّ يُضْرَبُ ضَرْبَة تَفْتَرِقُ أَوْصَالُهُ، وهذَا أَصْلٌ صَحِيحٌ عندَ أَهْلِ السُّنَّةِ لا يَخْتَلِفُونَ فيهِ، ومَنْ قَالَ بِخِلاَفهِ فَهُو كَاذِبٌ مُفْتَرِي.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ في حَدِيثِ عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ: (أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلى في الإسْتِسْقَاءِ)، وإنَّمَا قالَ فيهِ: (أنَّهُ دَعَا) ٦٤٧، ورَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزهْرِي، عَنْ عَبَّادِ بنِ تَمِيم، عَنْ عَمِّهِ: "أَنَّ رُسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَسْتَسْقِي، فَصَلَّى بِهِم رَكَعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِما بالقِرَاءَةِ، وحَوَّل رِدَاءَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ واسْتَسْقَى، واسْتَقَبلَ القَبْلَةَ" (٣)، وهذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وعليهِ العَمَلُ عندَ أَهْلِ المَدِينَةِ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى في الإسْتِسْقَاءِ.
* ومَعْنَى تَحْوِيلِه رِدَاءَهُ لِكَي تتُحَوَّلَ حَالَةُ الشَدّةِ إلى حَالَةِ السَّعَةِ والخَصْبِ ٦٤٦.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: قَالَ مَالِكٌ: صَلَاةُ الإسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ، ويَبْدَأُ الإمَامُ بالصلاَةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، ويَجْهَرُ فِيها بالقِرَاءَةِ، ثُمَ يَخْطُبُ، ويَدْعُو اللهَ، ويَسْتَسْقِي.
قالَ ابنُ وَضَّاحٍ (٤): قدْ كَانَ مَالِك يَقُولُ: الخُطْبَةُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ رَجَعَ سَنَةَ
(١) جاء في الإصل: (إذا) وهو خطا مخالف للسياق.
(٢) رواه البخاري (١٢٧٣)، ومسلم (٢٨٧٠)، والنسائي ٤/ ٩٧.
(٣) رواه أبو داود (١١٦١)، والترمذي (٥٥٦)، وأحمد ٤/ ٣٩، بإسنادهم إلى معمر بن راشد به.
(٤) هو محمد بن وضاح القرطبي، الإِمام المحدث الفقيه العابد المصنِّف، توفي سنة (٢٨٧)، ينظر: السير ١٣/ ٤٤٥، وجمهرة تراجم الفقهاء المالكية ٣/ ١٢٢١.